يوم دراسي بأسفي حول “تدبير منازعات مجالس العمالات والأقاليم على ضوء دوريات وزير الداخلية”

60

اختتم أمس الأربعاء بمقر عمالة إقليم آسفي، يوم دراسي حول “تدبير منازعات مجالس العمالات والأقاليم على ضوء دوريات وزير الداخلية”،  المنظم من قبل الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم بشراكة مع المجلس الإقليمي لآسفي ، حيث تدارس مختلف السبل الكفيلة بتجويد الأداء القانوني لتدبير المنازعات القضائية بمجالس العمالات والأقاليم، خاصة مع تنامي مهامها وتوسع مجالات تدخلها في إطار ورش الجهوية المتقدمة..وتضمنت  كلمة جهة مراكش أسفي التي تلاها سعيد كردام معلومات و ملاحظات مهمة، وبالنظر لأهميتها ننشرها كاملة.

 

السيدات والسادة الحضور،

إن موضوع المنازعات القضائية للجماعات الترابية أصبح يحتل مكانة كبيرة ضمن اهتمامات الإدارة المركزية بسبب الارتفاع الكبير في عدد المنازعات القضائية التي تكون فيها الجماعات الترابية طرفا فيها، سواء كانت مدعية أو مدعى عليها وبفعل ما يترتب عن هذه المنازعات من انعكاسات سلبية على ميزانيتها وتدبير شؤونها المحلية بصفة عامة.

وقد عرفت منازعات الجماعات الترابية تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، سواء من حيث العدد أو المضمون، ومن حيث الأحكام الصادرة ضد الجماعات الترابية، فالجداول المتعلقة بالقضايا التي تعرفها الجماعات الترابية كمدعى عليها، والتي تم إعدادها من طرف هذه الأخيرة بناء على طلب من المديرية العامة للجماعات الترابية، تكشف أن عدد منازعاتها القضائية والإدارية، والاحكام الصادرة ضدها، وحالات عدم التنفيذ تتصاعد بشكل كبير ومستمر وتتمحور معظم الدعاوى حول دعاوى الإلغاء و دعاوى التعويض، وهي المنازعات الإدارية التي تخلف تكاليف مالية باهظة تساهم في إثقال كاهل الجماعات الترابية.

 أمام هذه الوضعية، تدخلت وزارة الداخلية من خلال مجموعة من الدوريات والمناشير، أهمها الدورية عدد 182 الصادرة بتاريخ 22 ماي 1991 حول ضبط المنازعات القضائية للجماعات الترابية، و إحداث مصلحة جماعية للمنازعات، غير أنه بالرغم من إصرار السلطة الوصية على وضع حد لهذه الوضعية، لاحظت تفاقم وضع منازعات الجماعات الترابية، من خلال التقارير المرفوعة إليها من قبل هذه الأخيرة، مما اضطر معه المشرع إلى إحداث مساعد قضائي لتقديم المساعدة القانونية للجماعات الترابية ومجموعاتها، والتدخل للدفاع عنها في جميع الدعاوى التي تكون فيها دائنة أو مدينة، كما أن إحداث المساعد القضائي تعبير على أن منازعات الجماعات الترابية تحظى باهتمام كبير لدى سلطة الوصاية، التي دأبت على إصدار دوريات و مناشير لتحسيس الجماعات بضرورة التقيد بالقوانين، والقواعد المنظمة للشأن المحلي، و اقتناعا بأن أهم الأسباب التي تؤدي لنشوء منازعات الجماعات الترابية ناجمة عن عدم ضبطها للمساطر القانونية، و يعد منشور عدد 331/م.م.م بتاريخ 21 يناير 1976 حول الدعاوى القضائية المتعلقة بالعمالات والأقاليم أول منشور تصدره وزارة الداخلية للفت انتباه العمالات و الأقاليم لمنازعاتها ومحاولة تدبيرها، ثم الدورية الوزارية عدد 128/م .ج.م/ق.م .م/ 03 بتاريخ 22ماي 1991 حول ضبط المنازعات القضائية للجماعات المحلية و إحداث هيكلة مصلحة جماعية للمنازعات، التي أنيطت لها مجموعة من الاختصاصات المرتبطة بمنازعات الجماعة، وكذلك الدورية عدد 125/ق.م.م/ 03 بتاريخ 6 نونبر1994 حول الاتفاقيات التي تبرمها الجماعات المحلية قصد الدفاع عن حقوقها، ثم الدورية عدد 141/ق.م.م/ 03 بتاريخ 14 أبريل 1995 حول حل النزاعات التي تكون الجماعات المحلية طرفا فيها بالطرق الحبية، ومنشور للوزير الأول عدد 4/2002 بتاريخ 27 مارس2002 حول مقاضاة الوزارات و الجماعات، و المؤسسات العمومية فيما بينها أمام المحاكم، بعد ذلك كان قرار لوزير الداخلية رقم 03 بتاريخ 13 مارس 2009 يتعلق بالمساعد القضائي للجماعات المحلية تفعيلا لإحداث المساعد القضائي بمقتضى القانون 345.08.

هذا وقد نص الفصل 118 من دستور 2011 أن ” كل قرار اتخذ في المجال الإداري، سواء كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة.

 هذا الفصل يكرس الرقابة القضائية على القرارات الإدارية التنظيمية والفردية، والرفع من مكانة الهيئات القضائية الإدارية. ويمكن تبرير ورود المقتضى الدستوري المتمثل في الفصل 118 داخل الباب التاسع المخصص للمقتضيات المتعلقة بالسلطة القضائية، بكونه اعترافا من المشرع بتميز القضاء الإداري ودوره المتفرد في حماية الحقوق والحريات داخل الجسم القضائي، لكونه الملاذ الآمن للمواطنين من كل تعسف يمكن أن يصدر عن الإدارة، وكاختيار نهجه المشرع المغربي بتبني نموذج القضاء المتخصص منذ إنشاء المجلس الأعلى من خلال غرفته الإدارية وإنشاء المحاكم الإدارية، وكذا محاكم الاستئناف الإدارية.

وبالرجوع للقوانين التنظيمية الثلاث المنظمة للجماعات الترابية تم التطرق للمنازعات الترابية في القسم السابع من القانون التنظيمي المنظم للجهات وللجماعات والقسم السادس من القانون المنظم للعمالات والأقاليم، ويمكن أن نستشف من أهم المقتضيات التي أتى بها الباب المتعلق بالمنازعات، أن رئيس الجماعة الترابية يمثلها أمام المحاكم ويتعين عليه السهر على الدفاع عن مصالحها أمام القضاء، وهو من يقيم جميع الدعاوى ويتابع مراحلها سواء المتعلقة بالحيازة أو الأعمال التحفظية أو الموقفة لسقوط الحق، ويدافع عن التعرضات المقدمة ضد اللوائح الموضوعة لتحصيل الديون المستحقة، كما يقدم كل طلب لدى القضاء الاستعجالي، ويتتبع القضية عند استئناف الأوامر الصادرة عن قاضي المستعجلات واستئناف هذه الأوامر وجميع مراحل الدعوى.

ولا يتم قبول الدعاوى ضد الجماعات الترابية بما فيها دعوى تجاوز السلطة ضد الجهة أو الجماعة أو العمالة والإقليم أو ضد قرارات جهازها التنفيذي إلا إذا كان المدعي قد اخبر رئيس الجماعة الترابية ووجه إما لوالي الجهة بالنسبة للجهات او عامل العمالة أو الإقليم بالنسبة للجماعات والعمالات والأقاليم مذكرة تتضمن موضوع شكايته، ويستثنى من ذلك دعاوى الحيازة والدعاوى المرفوعة أمام القضاء الاستعجالي، ويجب اطلاع أعضاء المجلس من قبل الرئيس بالدعاوى القضائية التي تم رفعها خلال الدورة العادية أو الاستثنائية الموالية لتاريخ إقامته.

السيدات والسادة الحضور،

ان الاختصاصات والصلاحيات المسندة للجماعات الترابية فرضت عليها الدخول في علاقات متشعبة ومتعددة مع العديد من الفاعلين والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، ونشوء عدة منازعات تعرض على القضاء سواء في إطار دعاوى الإلغاء او دعاوى التعويض، إلا ان واقع الممارسة يظهر مجموعة من الإشكاليات أبرزها إشكالية تدبير المرحلة ما قبل القضائية، وتتعلق بالشروط الشكلية لرفع دعوى قضائية، ثم إشكالية تتبع ملفات المنازعات القضائية بالجماعات الترابية. وإشكالية تدبير منازعات الجماعات الترابية دون اغفال دور الوكيل القضائي للجماعات الترابية وتنفيذ الأحكام القضائية، أي كل ما يهم الأحكام القضائية النهائية والمذيلة بالصيغة التنفيذية ملزمة للجميع، بالإضافة إلى أسباب امتناع الجماعة عن التنفيذ والتنفيذ الجبري للأحكام والغرامة التهديدية، دون نسيان أهمية و دور مصلحة المنازعات القضائية بالجماعات الترابية في تدبير وتتبع القضايا لإيجاد حل نهائي، وضرورة تحيين المناشير الخاصة بإحداث مصلحة المنازعات القضائية والعمل على تأطيرها وتكوينها ثم تحميلها المسؤولية حتى تصبح فاعلة جدية في ظل الإصلاحات التي تستهدف الحكامة الجيدة.

 

 

 

 

تحميل مواضيع أخرى ذات صلة
تحميل المزيد في أبرز المواضيع
التعليقات مغلقة.

شاهد أيضاً

مراكش..لقاء وطني لتقديم الدليل العملي حول تجويد الأبحاث الجنائية

انطلقت اليوم الأربعاء بمراكش، أشغال اللقاء الوطني لتقديم الدليل العملي حول تجويد الأبحاث ا…