النقابة الوطنية للصحافة المغربية في أسفي..دهنون يرثي جمال براوي

توصلنا من فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية  في اسفي …بنص الكلمة التي ألقاها رئيس الفرع الزميل محمد دهنون  في حفل تكريم  الراحل جمال براوي الذي احتضنته اسفي عشية الجمعة الحالي …لأهمية مضامينها ننشرها بدون تصرف….

…………………..

مساء الخير

نزولا عند رغبة مناضلين والحاح إخوة مقربين من عائلة جمال وبتنسيق مع رئيس النقابة الوطنية الزميل عبد الكبير اخشيشن أتقدم باسم فرع النقابة في اسفي ..بهذه الورقة التي كتبت على عجل ..خاصة وأن قرار حضور النقابة لم يفعل .. إلا قبل سويعات قليلة من انطلاق فقرة التكريم لشخصية هذا الرجل الاستثنائي..

جمال ..

وحتى لانرطن كلاما غير ذي معنى ..براوي ظل ملتصقا بهموم اسفي ..وكان دوما عند قدومه إلى المدينة يعلن قلقه على مآلات الوضع العام لحاضرة المحيط ..

عندما يركب الحافلة من كازا ..يتلفن للمقربين “..راني جاي ..كولها للاخوان نتلاقاو….”..هكذا كان ينقل كلامه الحاج محماد امرابتين  تارة أو حسن محب تارة أخرى ..أو الطيبي البوعيبي رحمهم الله جميعا ..

كان اليسار في المغرب واسفي على الخصوص شعلة متقدة على الدوام ..مناضلوه ظلوا يحلمون بالديمقراطية والتغيير السياسي السلمي الهادئ والمتدرج ..

ألم يقل عبد الرحيم بوعبيد  وهو الذي خالفنا ذكرى رحيله قبل أيام منصرمة …”ما أعطيناه لهذا الوطن خرج من الفؤاد نقيا طاهرا …….”

وسط هذا الحلم الديمقراطي النظيف ..كان يوجد جمال براوي بكل ثقله الفكري والتفكيكي ..كانت لديه الفكرة واضحة لاتشوبها منغصات التحليل المتعالم والمتعالي على الواقع ..ديدنه المقولة التاريخية لأهل الاتحاد الاشتراكي ..”التحليل الملموس للواقع الملموس …”

..

قلق براوي كان ببهارات نضالية وبرؤية تحمل حدسا لما تمور به الحياة السياسية والحزبية المغربية ….ظلت كل لقاءاته مع المناضلين في اسفي ..محورها اسفي…وظل دائما يمد يد العون لاي نشاط مسؤول رصين ذا مردودية على المدينة ..لم ينتظر جزاء ولاشكورا ..بل جزء من فلسفته التدبيرية اعتمدت على السرية والتحفظ وعدم الثقة في “أقزام المرحلة “ الذين ينبتون كلما أصيب التاريخ الوطني والمحلي بنزلة برد  انتهازية…

ما علينا ..

يحدث كثيرا أن الفراغ ..يفرخ أشباه المثقفين وأنصاف السياسيين ومعتوهي الإعلام ..إنه مكر التاريخ ..

جمال براوي الله يرحمو ..لم يكن من طلاب المناصب والمواقع ..و من الباحثين عن تحصيل الجاه والثروة ..رغم علاقاته الكبيرة والمتشعبة مع صناع القرار  داخا المربع السياسي والدوائر الامنية المغلقة ….كان بحرفية الواثق فيما يفعله ..يحافظ على مصادره المتنوعة التي كانت له رافدا وذخيرة كبيرة من المعلومات …..ومن يمتلك المعلومة ..حتما ستكون تحليلاته  ومواقفه موضوعية…صائبة وعميقة…

ذاك كان هذا الرجل …

الوفاء للمهنة واحترام قواعدها رغم دخوله متأخرا إلى عوالم الصحافة ..بقي ركنا ثابتا في ممارسته الاعلامية …نتذكر مع الزملاء أنه تخرج على يديه ..وشجع ..ودفع بالعديد من الاسماء التي برزت في الالفية المنتهية …سنوات التسعينات وماتلاها …وسط ورش صناعة صحافة خاصة ..حتى لانقول مستقلة ..كلمة “مستقلة “…فيها كثير من التعسف المفاهيمي على الحقيقة…في وقت كان المغرب  يعيش على زخم وصحافة حزبية قوية أمام ضعف مهني لصحافة “ماص” ومن دار ويدور في فلكها من صناع الدعاية للسلطة السياسية..

كان يميز بين صحافة مهنية  وصحافة الاجندات ..يؤمن كما جيل معه من الصحافيين ..أن الصحافي لايجب أن يكون ملتزما إلا بالقواعد المهنية والاخلاقية في ممارسته وتعامله مع قضايا وطنه  وبلاده …بعيدا عن الاستعمالات الحقيرة للاعلام …..صعب جدا أن يكون الصحافي بلا عمود فقري ..حرفة الانبطاح والاستعمال من طرف اللوبيات وشبكات المصالح وبعض موظفي الادارة الفاسدين ..ممقوتة وممجوجة..ولم يكن يقبلها أحد من مناضلي المهنة…فالصحافة في عرف القدامى وجمال من بين هذه القبيلة الاعلامية ..عليها أن تظل مهنة نبيلة ..تجيب على أسئلة الوطن ..وتدافع عن تنمية وديمقراطية محلية …بعيدا عن تصريف فعل ..أكل …سرط ..يسرطون…ليس هذا الامر من الوطنية في شيئ………

الغرامشية …أخذ منها جمال المفهوم المركزي …كان وظل ورحل وهو يحمل  تصور “المثقف العضوي” الذي يجب أن يبقى ملتصقا بنبض المجتمع ..عارفا بتفاصيل فاعليه ومفاعيله..

الصحافة ..ياجمال …دفعوها إلى الحضيض ..سقف المهنية يكاد ينهار على رؤوسنا ..لكن علمتنا الحياة النضالية..أنه يوجد دائما أمل ..وستنتصر في النهاية الصحافة الحقيقية على الكراكيز وعلى من يحرك خيوط تلك الكراكيز..

البشاعة ..والرداءة  عمرها قصير …يا جمال ..

نم في مرقدك الابدي كلنا في عطلة قصيرة …اسمها الحياة …راحلون كلنا…………

عن النقابة الوطنية للصحافة المغربية

محمد دهنون