مشروع قانون المسطرة الجنائية.. المادة 3 منه تمنع تقديم الدعوى العمومية في قضايا الفساد الإداري والمالي داخل المؤسسات المنتخبة والادارات العمومية والشبه العمومية.
من خلال قراءة للمادة موضوع النقاش فهي تعتبر تراجعا خطيرا يخص دور الجمعيات المهتمة برصد وتتبع الخروقات وتقديم الشكايات إلى الجهات المختصة بغية فتح حقيق للوقوف على مجمل الاختلالات والخروقات الإدارية والمالية، لكن وزارة العدل أبت إلا ان تكون خارج السياق على اعتبار ان العفو الأخير بالافراج عن الصحفيين والمدونين ومزارعي القنب الهندي هو بمتابة انفراج حقوقي في أفق الافراج عن ماتبقى من المعتقلين (معتقلي الريف والمحامي زيان والمدونين… )وذلك من أجل طي هذه الصفحة الاليمة التي اساءت إلى سمعة المغرب، هذا الانفراج هو بداية مأسسة دور المؤسسات الدستورية من خلال التنزيل الحقيقي لمضامين الدستور والاتفاقيات والمواثيق والاتفاقيات الدولية لمحاربة الفساد الداعمة للمجهودات الوطنية الرامية إلى الإصلاح الجوهري من أجل بناء دولة الحق والقانون…لكن للأسف تطل علينا وزارة العدل والحريات بمشروع قانون.. خاصة المادة3 منه يتنافى مع روح الدستور والذي هو أسمى قانون في البلد ، وملزم على جميع مشاريع القوانين ان تحترم هذا الدستور المغربي( حماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما ؛ مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق، وعدم قابليتها للتجزيء)تماشيا مع قوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، والتي تسمو فور نشرها، على جل القوانين الوطنية،مع الحرص دائما والعمل على ملاءمة هذه التشريعات مع ما تتطلبه تلك المصادقة.
إن الفصل6 من دستور المغرب 2011يعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة..و الفصل
12 يؤكد على تأسيس جمعيات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية و التي تمارس أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون..ولا يمكن حل هذه الجمعيات والمنظمات أو توقيفها من لدن السلطات العمومية، إلا بمقتضى مقرر قضائي.
و تُساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحددها القانون.
يجب أن يكون تنظيم الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وتسييرها مطابقا للمبادئ الديمقراطية.
ويأتي هذا المشروع في سياق حملة الاعتقالات التي شهدتها بلادنا في الآونة الأخيرة من منتخبين ينتمون إلى مختلف الأحزاب سيما المشاركة في الحكومة بسبب تورطهم في نهب المال العام والإثراء غير المشروع ،لكن عوض الإسراع والانكباب على إخراج قانون الإثراء غير المشروع زفت علينا وزارة العدل والحريات مشروع قانون للمسطرة الجنائية صمم على مقاس المنتخبين، مما افقده المشروعية القانونية والدستورية خصوصا بعد إسهامه في تحصين ناهبي المال العام، لذلك كله وبعد الاطلاع على لائحة المنتخبين المتورطين في ملفات الفساد والذين ينتمون إلى مكونات ا لحكومة، وجب على هذه الاحزاب الانسحاب من تدبير الشأن العام للبلاد على اعتبار انها لم تفلح في تنظيف احزابها من المفسدين فكيف لها أن تدبر شؤون ومشاكل البلاد، واخراجها من أزمة الوضع الاجتماعي والاقتصادي المترديين.