إنجاز : المصطفى العياطي
تقديم:
تنظم استعمال الملك العام المائي قواعد قانونية ذات مصادر مختلفة،غير ان أول نص قانوني يخص الماء في المغرب يعود تاريخه إلى سنة 1914م، ويتعلق الأمر بالظهير الشريف الصادر في 7 شعبان 1332 (فاتح يوليوز 1914م) حول الأملاك العامة والمتمم بظهيرين شريفين صدرا سنة 1919مو1925 والذي يدمج جميع المياه مهما كان شكلها في الأملاك العامة المائية ومن ثم لا يمكن للموارد المائية أن تكون موضوع تملك خاص باستثناء المياه التي اكتسبت عليها حقوق قانونية. وقد صدرت بعد ذلك نصوص أخرى لمواجهة الحاجيات الجديدة التيظهرت.إن النصوص الأساسية المتعلقة بالماء تعود في مجموعها إذن إلى العقود الأولى من هذا القرن ولقد أعدت تبعا للحاجيات والظروف إلى درجة أن التشريع المغربي الحالي المتعلق بالماء يحتوي على مجموعة من النصوص المبعثرة التي تم تحيينها في مراحل وتواريخ مختلفة…ولما كان هذا التشريع لم يعد ملائما للتنظيم العصري ولا يستجيب لضروريات التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، على اعتبار ان شروط استعمال الماء لم تعد هي تلك التي كانت سائدة في بداية القرن حيث لم تكن الموارد المائية مطلوبة بنفس الإلحاح الذي يميز الوقت الراهن وذلك بسبب قلة الطلب على الماء وضعف مردودية تقنيات التعبئة.
لهذه الأسباب جميعها أصبحت مراجعة تشريع المياه وتوحيده في قانون واحد ضرورية.وفي إطار هذه المراجعة،لا يقتصر قانون الماء على إعادة صياغة التشريع الجاري به العمل فقط،بل اهتمت أساسا بتتميمه بإضافة أحكام تتعلق بميادين لم يتعرض لها من قبل من جهة،ومن جهة أخرى بتصفية النظام القانوني الخاص بموارد المياه.
بعد استقلال المغرب، أضحت النصوص القانونية المتوارثة أقل فاعلية ولا تستجيب لإشكالات التدبير المائي التي تفاقمت مع تزايد الطلب على الماء. فالتنمية الاقتصادية والاجتماعية بجميع مكوناتها فرضت قانونا حديثا يتكيف مع مستجدات ومتطلبات العصر، ولذلك لجأ المشرع المغربي إلى إصدار قانون جديد للمياه في محاولة لبلورة مقاربة فعالة لتدبير الموارد المائية وهو قانون 95-10
في هذا العرض المختصر سنحاول-اقتناعا منا بأهمية الجانب القانوني في دراسة تاريخ الماء- أن نتناول قانون الماء لسنة1995م من حيث أسباب سنه ومميزاته وأهدافه ومبادئه. وبما أن هذا القانون الذي يحمل ال 95-10 شكل مؤخرا أرضية للمشرع المغربي لإجراء جملة من التعديلات – بعد وقوف الجهات المختصة على عدد من الثغرات والنواقص بعد حوالي عقدين ونيف من تطبيقه – سنحاول تسليط الضوء على هذه المراجعة، و التي أسفرت مؤخرا عن إصدار قانون جديد للماء يحمل الرقم 15-36 بموجب الظهير الشريف رقم1.16.113الصادر في6ذي القعدة1437ه(10أغسطس2016) والذي تم نشره بالجريدة الرسمية عدد6494 (25أغسطس2016).
من أجل ذلك جاءت فقرات هذا العرض حسب التصميم التالي:
المحور الأول: قانون الماء95-10 أسبابه، مميزاته، أهدافه و مبادئه.
-1اسباب التشريع:
يتألف القانون95-10 من ثلاثة عشر باب وإحدى عشر فرعا ومائة وثلاث وعشرين مادة.
*لأن الماء مورد نادر يتميز توفره بالمغرب بعدم الانتظام في الزمان والمكان.
*لأنه شديد التأثر بالانعكاسات السلبية للأنشطة البشرية.
*لأن ضروريات التنمية لاقتصادية والاجتماعية تفرض اللجوء الى تهيئة الماء من أجل تلبية حاجيات السكان التي تعرف تزايدا باضطراد.
*لأن ضروريات التنمية لاقتصادية والاجتماعية تفرض اللجوء الى تهيئة الماء من أجل تلبية حاجيات السكان التي تعرف تزايدا باضطراد.
*للتوفر على أدوات قانونية ناجعة قصد تنظيم توزيع الموارد المائية ومراقبة استعمالها وكذا ضمان حمايتها والحفاظ عليها.
* لأن التشريع السابق لم يعد اليوم ملائما للتنظيم العصري كما أنه لا يستجيب لضروريات التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
* نظرا لضعف مردودية تقنيات التعبئة.
* نظرا لكون التشريعات السابقة كانت مبعثرة مثل ظهير فاتح يوليوز 1914م. وظهيري سنة 1919م و1925م، الذين يدمجا جميع المياه مهما كان شكلها في الاملاك العامة المائية.
2-الاهداف:
** يسعى هذا القانون إلى إقرار سياسة وطنية مائية مبنية على نظرة مستقبلية تأخذ بعين الاعتبار تطور الموارد المائية من جهة، والحاجيات الوطنية من جهة ثانية، متضمنا تدابير قانونية ترمي الى ترشيد استعمال الماء، وتعميم الاستفادة منه، وتضامن الجهات، وتدارك الفوارق بين المدن والبوادي في إطار برامج تهدف الى تحقيق الامن المائي على مستوى مجموع تراب المملكة.
** تدارك الفوارق بين المدن والبوادي في إيصال الماء الصالح للشرب.
** لتخطيط منسجم ومرن لاستعمال الموارد المائية سواء على مستوى الحوض المائي أو على المستوى الوطني.
** لتعبئة قصوى ولتسيير معقلن لكل الموارد المائية والآخذ بعين الاعتبار أنظمة الاسبقية المحددة في المخطط الوطني لماء.
** تدبير الموارد المائية في إطار وحدة جغرافية هي الحوض المائي، الشيء الذي يعتبر ابتكارا مهما من شأنه خلق وتطبيق تصور حول تدبير لامركزي للماء. وفعلا، يشكل الحوض المائي المجال الجغرافي الطبيعي الامثل لضبط وحل المشاكل المتعلقة بتدبير موارد المياه، وكذا لتحقيق تضامن جهوي فعلي بين مستعملي مورد مائي مشترك.
** حماية كمية ونوعية للأملاك العامة المائية في مجموعها والحفاظ عليها.
** لإدارة ملائمة للماء تمكن من التوصل الى تصور واستعمال ومراقبة العمليات المدكورة وذلك باشراك السلطات العمومية والمستعملين في اتخاد كل قرار متعلق بالماء.
** الرفع من قيمة الموارد المائية ومن مردودية الاستثمارات الخاصة بالماء مع الأخذ بعين الاعتبار المصالح الاقتصادية والاجتماعية للسكان من خلال الحفاظ على الحقوق المكتسبة.
3-المميزات:
إلى عهد قريب، كان التشريع المائي بالمغرب يتكون من نصوص يعود تاريخ بعضها إلى بداية عهد الحماية. إلا أن هذه النصوص أضحت غير ملائمة لحاجيات العصر. فالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في ظل العولمة فالتنمية الاقتصادية والاجتماعية تفرض قانونا حديثا وفعالا يتماشى مع المتطلبات الراهنة. وذلك من أجل تنمية الرصيد المائي، وتأمين الحاجيات المائية المتزايدة. ومن هذا المنطلق، لجأ المشرع المغربي الى وضع قانون جديد للماء. وعلى هذا الأساس، تمت المصادقة على سنة 1995على قانون الماء10-95بالاغلبية في البرلمان المغربي. ويتضمن هذا القانون –كما أسلفنا-123مادة موزعة على 13 بابا تتشكل من مجموعة من النصوص التشريعية، تنصب كلها في السياق العام لتنظيم المياه على جميع المستويات. وبذلك، يعتبر” اعتماد هذا القانون مرحلة مهمة نحو سياسة وطنية كفيلة بالاستجابة للحاجيات المائية الضروريةعلى أساس التشاور وحماية الموارد المائية من التلوث والتبذير”.
لقد اعتبر قانون10-95الدولة طرفا معنيا بصورة اساسية في صياغة التوجهات العامة لسياسة تدبير المياه، إما على سبيل تقديم الرأي والاستشارة، أو المساهمة في انجازالمشاريع التي تتعلق بتدبير المياه وحمايتها.فحسب القانون الادارة هي المسؤولة عن قطاع الماء، إلى جانب المجلس الاعلى للماء والمناخ ووكالات الاحواض.
4-المبادىء:
*** الملكية العامة للماء.
*** توحيد تدبير الماء على مستوى الحوض المائي ؛
*** التشاور حول سياسة الماء على المستويات الثلاث الوطني والجهوي والمحلي ؛
*** التضامن الوطني والجهود من خلال لامركزية قرار تدبير الماء بفضل خلق وكالات الأحواض ؛
*** الرفع من المردودية الزراعية بفضل تحسين شروط تهيئة واستعمال المياه المخصصة للاستعمال الفلاحي ؛
*** تقنين الأنشطة التي من شأنها أن تلوث الموارد المائية ؛
*** وضع جزاءات وإحداث شرطة للمياه لزجر كل استعمال غير مشروع للماء، أو كل فعل من شأنه أن يفسد جودته، بمعنى الاعتراف بالقيمة الاقتصادية للماء.
وهكذا يلاحظ، أن قانون الماء10-95يرتكز على مبدأ مهم متعلق بضمان جودة الماء وحمايته من التلوث. فهناك نصوص ذات طابع مباشر تعالج مجالات المحافظة على الملك العام المائي ومحاربة التلوث. وأيضا، على مدارات المحافظة ومدارات المنع، وأخرى ذات طابع غير مباشر تعالج مسألة الحقوق المكتسبة على الملك العام المائي.
ينص القانون الجديد، على الاعتراف بالحقوق المكتسبة على الملك العمومي المائي، الذي يتم إما بمبادرة الإدارة، أو بناء على طلب من المعنيين بالأمر. ويكون ذلك، بعد إجراء علني طبقا للقانون الجاري به العمل في هذا النطاق. وتخضعهذه الحقوق المكتسبة لأحكام استعمال المياه المضمنة في المخطط الوطني للماء والمخططات التوجيهية للتهيئة المدمجة للموارد المائية ويمكن تجريد المالكين من حقوقهم المكتسبة عن طريق اتباع مسطرة نزع الملكية. كما جاء هذا القانون، بطرق جديدة لتفويت المياه المخصصة لسقي العقارات وحددها في طريقتين:
–تفويت الماء مع العقار في آن واحد..
–تفويت الماء منفصل عن العقار، لكن شريطة أن يكون صاحب هذا العقار يملك عقارا فلاحيا.
المحور الثاني: من النص 95-10الى النص 36-15 دواعي التعديل وأهدافه.
1- دواعي مراجعة القانون95-10
بالرغم من أهمية المكتسبات والانجازات التي تم تحقيقها بفضل قانون الماء ونصوصه التطبيقية، فقد كشفت الدراسات المنجزة من طرف الوزارة المنتدبة المكلفة بالماء في المجالات المرتبطة بالمخطط الوطني للماء، والوقاية من الفيضانات، وإعادة استعمال المياه المستعملة، وتقييم تطبيق قانون الماء، وكذا التجربة الميدانية لوكالات الاحواض المائية أن هذا الإطار القانوني لتدبير وتنمية وحماية لموارد المائية تعتريه بعض النواقص والثغرات التي يمكن إجمالها في:
— تناقض بعض مقتضيات قانون الماء وعدم توازن بعض أبوابه (الباب الثالث يتضمن مادة واحدة في حين أن الباب الخامس يتضمن 25مادة).
— غياب تعريف لبعض المصطلحات مثلا ” الصب المباشر ” و ” غير المباشر”.
— ضعف المقتضيات المتعلقة بتثمين مياه الامطار والمياه المستعملة والحماية من الفيضانات.
— تعقيد بعض مساطر تدبير الملك العام المائي(الترخيص بالحفر والترخيص بالجلب).
— فراغ قانوني على مستوى صب المياه المستعملة في البحر، والتطهير السائل، وتحلية مياه البحر.
— ضعف ديناميكية الإطار المؤسساتي (المجلس الأعلى للماء والمناخ، اللجن المحلية للماء).
لتجاوز هذه الاختلالات، ورغبة في توفير الشروط التنظيمية والمؤسساتية لضمان التفعيل الجيد للاستراتيجية الوطنية للماء ومضامين مشروع المخطط الوطني للماء كان من الضروري مراجعة قانون الماء.
2-ألاهداف الاساسية لتعديل القانون95-10.
— إعادة صياغة بعض المقتضيات حول الماء بهدف توضيحها وتدقيقها، ومعالجة حالات عدم الانسجام والغموض التي تكتنف بعض مقتضيات هذا القانون لجعلها تنسجم وتتناغم مع بعضها البعض.
— تتميم قانون الماء بمقتضيات جديدة تتعلق على الخصوص بعقدة الفرشة المائية، وتعبئة وتدبير مياه الأمطار، وشروط تحلية مياه البحر، وصب المياه المستعملة في البحر، وإعادة استعمال المياه المستعملة وتنظيم مهنة الحفر، وتدبير الظواهر القصوى كالجفاف والفيضانات.
— دعم الإطار المؤسساتي المحدث بموجب قانون الماء من خلال مراجعة اختصاصات وتسيير المجلس الاعلى للماء والمناخ ووكالات الأحواض المائية وكذا إحداث لجان الاحواض المائية.
3- من النص 95-10الى النص 15-36 قراءة في أهم التعديلات.
انطلاقا من النواقص والأهداف المشار اليها أعلاه، أجرى المشرع المغربي عدة تعديلات همت مختلف جوانب القانون رقم95-10 حول الماء، والتي أسفرت عن نص قانوني جديد للماء يحمل الرقم 15-36، تم تنفيذه بموجب الظهير الشريف رقم 1.16.113الصادر في 6 ذي ال قعدة1437ه(10أغسطس2016) والذي تم نشره بعد موافقة مجلسي البرلمان والمستشارين بالجريدة الرسمية عدد6494 بتاريخ25 أغسطس2016.ويتألف هذا القانون من اثنا عشر بابا واربعة وعشرون فرعا ومائة وثلاثة وستون مادة،ويمكن بسط أهم التعديلات التي تضمنها، كما يلي:
الباب الأول: مقتضيات عامة.
ضمن باب مقتضيات عامة، خصص المشرع المادة3 في أطار المبادئ العامةلمجموعة من التعاريف و المصطلحات المائية من قبيل: الماء- الملك العمومي المائي- استغلال أو استعمال الملك العمومي المائي- الحوض المائي- المياه القارية- ماء معدني طبيعي- ماء العيون- مياه لمائدة- الصب- الفيضان- المناطق لمعرضة للفيضانات- عقد التدبير التشاركي- الوسط المائي- الكرينوترابي- التدبير العقلاني للماء- التدبير المستدام للماء- التدبير المندمج للماء- التدبير التشاركي للماء.
الباب الثاني-مكونات الملك العام المائي.
لقد حدد القانونرقم95-10 لائحة الاملاك العمومية المائية، وبالرغم ان هذه اللائحة سهلت تحديد الوضعية القانونية لأغلب الاملاك المائية، فإن البعض منها ظلت وضعيته غامضة وغير واضحة الشيء الذي خلق صعوبات على مستوى تدبيره وحمايته من الترامي والاعتداء. وتندرج في هذا الإطار المياه المستعملة والملوثة والمياه الاجاج والوعاء العقاري للضايات والمرجات والبرك المائية، …
لإزالة هذا الغموض نص القانون الجديد15-36 صراحة في المادة5 ضمن الفرع الأول المتعلق بتكوين وتحديد الملك العمومي المائي، على أن “الملك العمومي المائي يتكون من جميع المياه القارية سواء كانت سطحية أو جوفية أو عذبة أو أجاجة أو مالحة أو معدنية أو مستعملة وكذا مياه البحر المحلاة المسالة في الملك العمومي المائي والمنشآت المائية وملحقاتها المخصصة لاستعمال عمومي…..”
من جهةأخرى،تتميز مسطرة تحديد مجاري المياه في ظل القانون رقم 95-10 حول الماء، بالتعقيد. فهي تتطلب كمرحلة أولى انجاز مسطرة لتحديد الحافات بناء على دراسات تقنية معقدة، تحتاج لموارد مالية كبيرة لإنجازها. وكمرحلة ثانية إنجاز مسطرة أخرى لتحديد الضفاف الحرة لتلك لمجاري بناء على بحث عمومي لا يفضي في أغلب الاحيان الى الحسم في الحدود المقترحة من طرف الادارة.
من أجل تسريع وتيرة تحديد مجاري المياه، تضمن القانون الجديد مسطرة واحدة يتم من خلالها تحديد الضفاف الحرة لهذه المجاري(بعرض مترين) بعد اجراء بحث عمومي.
هذا وتجب الاشارة الى انه في أطار تجميع المقتضيات المتعلقة بالملك العام المائي ضمن نص قانوني واحد، تم ادراج المقتضيات المتعلقة بالتحديد وكذا بمسطرة اخراج أجزاء الملك العام المائي التي انتفت عنها صفة المنفعة العامة، حيث ورد في المادة 8 من القانون الجديد ” تخرج بموجب مرسوم الاملاك العمومية المائية التي فقدت صبغة المنفعة العامة بفعل الطبيعة أوعلى إثر إنجاز أعمال تقويم أوتحويل لمجاري مائية مرخص بها طبقا لمقتضيات الفرع الأول من الباب الثالث من هذا القانون. تضم الى الملك العمومي المائي القطع الارضية المنجزة بها أعمال التقويم أو التحويل المشار إليها في الفقرة الاولى من هذه المادة.تحدد كيفيات تطبيق مقتضيات هذه المادة بنص تنظيمي.”
الباب الثالث:استعمال واستغلال الملك العمومي المائي
الفرع الأول:ترخيصات وامتيازات استعمال الملك العام المائي.
إن استعمالات الملك العام المائي متعددة (حفر الابار، جلب المياه، إقامة الحواجز، استخراج مواد البناء..) وخاضعة إما لنظام الترخيص أو لنظامالامتياز. وما يميز المقتضيات المتعلقة بالنظامين معا هو تفرقها في أبواب ومواد مختلفة من القانون رقم 95-10 حول الماء، الشيء الذي يجعل هذه الاستعمالات غير خاضعة لنفس الشروط لاسيما منها المتعلقة بالجوانب المالية (مصاريف الملف والاتاوات). يضاف الى هذا التشتت وجود المقتضيات المتعلقة بالاحتلال المؤقت للملك العام المائي ضمن ظهير 30 نونبر1918م حول الاحتلال المؤقت للملك العام.
فباستثناء الاستعمالات المتعلقة بصب المياه المستعملة والترخيصات المتعلقة بإعادة استعمالها التي لها وضع خاص بحكم الشروط الخاصة التي تخضع لها، فالقانون الجديد 15-36 أدرج كل استعمالات الملك العام المائي بما في ذلك الاحتلال المؤقت لهذا الملك ضمن الباب الثالث من هذا القانون.
من جهة أخرى، تطرح ازدواجية الترخيص(رخصة الحفر ورخصة جلب المياه) تعقيدات مسطريه بالنسبة للمستعمل (كثرة الوثائق والمصاريف). وبالنسبة لوكالة الحوض المائي الملزمةانجاز بحثين عمومين وحضور عدة اجتماعات في ظل قلة الامكانيات البشرية واللوجيستيكية مما يجعل مسطرة الترخيص تطول وتتسبب في تأخير إنجاز المشاريع الاستثمارية.
لمعالجة هذا الوضع جاء القانون الجديد بتبسيط لمسطرة لترخيص باستعمال الملك العام المائي من خلال دمج عمليتي الحفر والجلب في ترخيص واحد يتم بناء على طلب وبحث عمومي واحد. كما رخص القانون الجديد في مادته28 من جهة تقليص مدة الترخيص من 20سنة الى 10سنوات، ومدة الامتياز من 50 الى 30 سنة (المادة34) بهدف استدامة الموارد المائية، ومن جهة أخرى الترخيص لوكالة الحوض المائي باللجوء الى مسطرة طلب العروض” الاعلان عن المنافسة لمنح حق الامتياز باستعمال الملك العمومي المائي ” للرفع من مردودية الملك العام المائي وتحقيق أفضل الشروط لاستغلاله (المادة 37).
الباب الرابع: تثمين واستعمال مياه الامطار.
1.حقوق وواجبات الملاك.
نص القانون رقم 95-10 حول الماء على أن الملاكين لهم الحق في استعمال مياه الامطار التي تسقط على عقاراتهم دون حاجة لترخيص مسبق من وكالة الحوض المائي. إلا انه رغم أهمية هذا الاعفاء، فقد أبانت التجربة عن عدم كفايته لتشجيع الملاكين على اللجوء إلى تعبئة هذه المياه واستعمالها مما يحول دون تنمية العرض من الموارد المائية السطحية وتخفيف الضغط على المياه الجوفية.
في هذا الإطار نص القانون الجديد15-36على احداث نظام للمساعدة المالية والتقنية من طرف الادارة مع الاشارة الى ان الشروط التقنية والادارية لتخزين مياه الامطار واستعمالها ستحدد بنص تنظيمي.
هذا، وتجب الاشارة من جهة أخرى إلى أن نفس القانون قد سمح للملاكين بحفر آبار وجلب كميات من الماء بدون ترخيص مالم يتجاوز عمق هذه الابار والكميات المجلوبة من الماء العتبات المحددة بنص تنظيمي. غير أن تجربة تطبيق نظام العتبات، الذي كان الهدف منه استثناء صغار المستعملين من الترخيص، أصبح وسيلة للتملص من المساطر القانونية الشيء الذي ساهم في استفحال الحفر العشوائي للآبار والاستغلال المفرط للمياه الجوفية وفي عرقلة مراقبة هذه الاعمال من طرف وكالة الحوض المائي.
لهذا السبب تضمن القانون الجديد اخضاع كل أعمال الحفر وجلب المياه الجوفية لترخيص مسبق كيفما كان عمق البئر وحجم المياه مع الابقاء على نظام العتبات بالنسبة للمياه السطحية لتشجيع المستعملين على اللجوء اليها والمحافظة على المياه الجوفية.
الباب الخامس:تثمين استعمال المياه غير الاعتيادية.
تضمن القانون رقم 95-10 حول الماء مادة وحيدة تنص على الترخيص باستعمال المياه المستعملة وعلى امكانية استفادة صاحب الترخيص من المسا همة المالية لوكالة الحوض المائي لإنجاز مشروع استعمال المياه المستعملة.
من جهة أخرى، ونظرا لخلو القانون95-10 حول الماء من أية مقتضيات تؤطر قانونيا ومؤسساتيا مشاريع تحلية مياه البحر، وانسجاما مع توجهات الاستراتيجية الوطنية للماء ومشروع المخطط الوطني للماء الداعية الى اعتماد خيار المياه غير التقليدية، فقد خصص الباب الخمس من القانون الجديد فرعا أولا لإعادة استعمال المياه المستعملة وأوحال التصفية وفرعا ثانيالتحلية مياه البحر لتلبية الحاجيات من الماء. تضمن الفرع الأول ثمانية مواد(64-71) حدت معايير للجودة خاصة باستعمال المياه المستعملة وإخضاعها للمراقبة الصحية من طرف المؤسسات لمعنية، واعفاء المستفيد من الترخيص المتعلق به من أداء الاتاوة ومصاريف ملف طلب الترخيص. أما بالنسبة لحمئة المياه المستعملة فقد أشار القانون الجديد الى ضرورة إخضاعها) للمعالجة للحد من أخطارها الصحية مع تمكين مسيري محطات معالجة المياه المستعملة من نظام المساعدة المالية لتشجيعهم على تثمينها. وتضمن الفرع الثاني ست مواد(72-77) حددت الإطار القانوني والمؤسساتي والشروط العامة لإنجاز مشاريع اعادة استعمال المياه العادمة ومشاريع تحلية مياه البحر. ويندرج ضمن هذه لشروط خضوع هذه المشاريع للتشريع ا لمتعلق بدراسات التأثير على البيئة وبالمؤسسات المصنفة والخطيرة. كما أخضع هذا القانون مشاريع تحلية مياه البحر لنظام الامتياز.
الباب السادس: الحكامة وإدارة الماء.
خول القانون رقم95-10 حول الماء، إطارا قانونيا للمجلس الاعلى للماء والمناخ يحدد اختصاصاته وتركيبه. ومنذ صدور هذا القانون في سنة1995م لم يعقد الا دورة واحدة في 2001م خصصت للمصادقة على المخططات التوجيهية للتدبير المندمج لموارد المياه لحوضي تانسيفت وسوس ماسة ودرعة.
لتنشيط هذا المجلس وجعله يلعب دورا أكثر مواكبة في معالجة القضايا والتحديات المرتبطة بالموارد المائية والمناخ، خصص القانون الجديد بابا يتكون من اربعة فروع وثماني مواد.
الفرع الأول: المجلس الاعلى للماء والمناخ، حيث وسع القانون الجديد من اختصاصاته وكلفه الى جانب دراسة وإبداء الرأي في التوجهات العامة للسياسة الوطنية في مجال الماء والمناخ، بدراسة وابداء الرأي ايضا في عدة امور لاسيما”- الاستراتيجية الوطنية لتحسين المعرفة بالمناخ وبتغيراته وآثارها على الموارد المائية وبالأخطار المتصلة بالماء-المخطط الوطني للماء-كما يمكن للمجلس أيضا أن يبدي رأيه في كل قضية مرتبطة بالماء والمناخ تعرضها عليه الادارة”. (المادة78).هذا وقد وسع القانون 15-36 من تركيبته لتضم الى جانب ممثلي الدولة والمؤسسات العمومية والمنتخبين والمجالس الجهوية ورؤساء الاحواض المائية …. ، “ممثلي مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي العاملة في ميدان الماء والمناخ ” بالإضافة الى “ممثليالجمعيات العاملة في ميدان الماء والمناخ و البيئة، الاعضاء في مجالس الاحواض المائية، يكون ربع هؤلاء على الاقل من النساء ” (المادة79 ) ومن “اربعة خبراء مغاربة مشهود لهم بالكفاءة العلمية والتجربة المهنية ، مختصين في مجال الماء والبيئة والمناخ” (المادة79).
الفرع الثاني: وكالات الاحواض المائية.
من خلال ممارسة وكالات الاحواض المائية لصلاحياتها تبين أن بعض تدخلات هذه الوكالات لاسيما في مجال الاقتصاد في الماء ومحاربة التلوثتصطدم بعدم دقة ووضوح صلاحياتها في منح المساعدة المالية للمشاريع المتعلقة بهذه المجالات.يضاف الى ذلك التأثير السلبي لكثرة أعضاء مجالسها الادارية (48عضوا) على قيام هذه المجالس بتدبير ومراقبة عمل الوكالات بشكل فعال.
لتجاوز هذه الاختلالات سعى القانون الجديد الى ضبط مجالات تدخل وكالات الاحواض المائية في المجالات المشار اليها أعلاه ودعم صلاحياتها بصلاحيات هامة ك «…-انجاز القياسات والابحاث والقيام بالدراسات الضرورية لتقيم وتتبع تطور حالة لموارد المائية على مستوى الكم والجودة.وكذا الدراسات المتعلقة بتخطيط وتدبير الماء والمحافظة عليه والوقاية من تأثير الظواهر المناخية القصوى لاسيما الفيضانات والجفاف-اعداد المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للموارد المائية والمخططات المحلية لتدبير المياه ومخطط تدبير الخصاص في الماء في حالة الجفاف والسهر على تنفيذها-….. – منح الترخيصات والامتيازات لاستعمال الملك العمومي المائي ومسك سجل خاص بها واقتراح وعاء وسعر إتاوات استعمال هذا الملك على الادارة……”(المادة80).
الفرع الثالث: مجلس الحوض المائي.
أما بالنسبة للمجالس الادارية لهذه الوكالات فقانون 15-36 قلص عدد أعضائها الى20عضوا على الاكثر مع دعم سلطاتها طبق لما ورد في المادة 88، ويتعلق الامر “…. بالمساهمة في تتبع إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة لمندمجة للموارد المائية والمخططات المحلية لتدبير المياه- دراسة وإعداد رأي المجلس حول القضايا المعروضة عليه لاسيما المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة للموارد المائية والمخططات المحلية لتدبير المياه- يمكن للمجلس أن يحدث أي لجنة أخرى يعهد اليها بدراسة القضايا التي تدخل في اختصاصاته….”
الفرع الرابع: لجن العمالات والاقاليم للماء.
تميزت هذه اللجن خلال المدة الاخيرة بضعف ديناميكيتها وتأثيرها في القضايا والتحديات المرتبطة بتدبير الماء على المستوى المحلي، ويرجع ذلك لغياب تمثيلية لمؤسسات عمومية مهمة كوكالة الحوض المائي والوكالة الحضرية،من جهة ، وغياب أي صلاحيات لهذه اللجن فيما يخص محاربة الظواهر القصوى كالجفاف والفيضانات من جهة أخرى. لذا نص القانون 15-36 على تعزيز صلاحيات هذه اللجن من خلال تكليفها ب:”…-تدبير الماء في حالة الخصاص لضمان التزود به في ظروف مرضية- الوقاية من أخطار الفيضانات-التوعية بحماية الموارد المائية والمحافظة على الملك العمومي المائي واستعماله الامثل….” (المادة89) كما وسع تركيبة هذه اللجنة لتضم حسب المادة نفسها لتضم:”1- بالنسبة للثلث من ممثلي السلطات الحكومية المعنية ووكالة لحوض المائي و الوكالة الحضرية والمؤسسات العمومية المكلفة بإنتاج و /أو توزيع الماء الصالح للشرب والطاقة الكهرومائية وتدبير مياه السقي.2- بالنسبة للثلثين من ممثلي:-مجلس الجهة- مجلس العمالة أو الاقليم- المجالس الجماعية المعنية- مجلس الحوض المائي-الغرفة الفلاحية- غرفة التجارة والصناعة والخدمات- غرفة الصناعة التقليدية- جمعيات مستعملي المياه المنتخبين من طرف نظرائهم- الجمعيات العاملة في مجال لماء والبيئة والمنتخبين من قبل نظرائهم يكون ربع هؤلاء على الاقل من النساء-أصحاب الامتياز المكلفين بإنتاج و /أو توزيع الماء…..”
الباب السابع: التخطيط المائي.
ان العناصر المنصوص عليها في المادتين16 و17 من القانون رقم 95-10 حول الماء التي تشكل محتوى المخطط التوجيهي للتهيئة المندمجة لموارد المياه و المخطط الوطني للماء، تجعل من هذه المخططات برامج للعمل أكثر منها وثائق تحدد التوجهات و الأهداف العامة للسياسة المائية.
فمن أجل الموازنة بين الجانب المتعلق بالبرمجة والجانب المتعلق بالتوجيه نص القانون الجديد على صياغة جديدة للعناصر التي يتكون منها المخطط التوجيهي لجعله يركز على التدابير التقنية والاقتصادية والبيئية لضمان تلبية الحاجيات من لمياه المنزلية والصناعية والفلاحية بشكل مستدام وبأقل تكلفة، بالإضافة الى المحافظة على المياه والانظمة الايكولوجية المائية من حيث الكم والجودة.
أما بالنسبة للمخطط الوطني للماء فالقانون 15-36 جعل منه مخططا يحدد التصور العام والخطوط العريضة للسياسة الوطنية في مجال الماء. علاوة على ذلك، ينص القانون الجديد في مادته90 على ان” المخطط الوطني للماء يوضع من طرف الادارة بتنسيق مع الادارات المعنية وفق مقاربة شمولية مع مختلف الفاعلين المعنيين على الصعيد الوطني….” كما “…يوضع المخطط المائي للماء لمدة لاتقل عن 30سنة، وهو قابل للمراجعة بصفة دورية كل 10سنوات ما عدا إذا اقتضت ظروف استثنائية تغيير محتواه قبل هذه المدة. تتم هذه المراجعة وفق نفس الكيفيات التي وضع بها المخطط.”(المادة90).
الباب الثامن: حماية المياه والمحافظة عليها.
الفرع الثاني: المحافظة على جودة المياه.
ورد في المادة 52 من القانون 95-10 حول الماء،عبارة ” صب المياه المستعملة بشكل مباشر أو غير مباشر”. وهي عبارة غير واضحة ودقيقة مما تسبب في بروز تأويلات متعددة ومختلفة أدت الى عرقلة إصدار النصوص التطبيقية المتعلقة بالحدود القصوى للصب، وبالتالي الى تأ خير تطبيق نظام الترخيص على صب المياه المستعملة الصناعية.
لمعالجة هذا الاشكال عمل لمشرع المغربي من خلال القانون الجديد15-36 حول الماء على حذف عبارة “صب المياه المستعملة بشكل مباشر أو غير مباشر” وتعويضها ب”صب المياه المستعملة في الملك العام المائي” كما أن القانون الجديد، في إطار تعزيز نظام الترخيص بآليات تمكن من الحد من تلوث المياه وضع من خلال المادة99 نظاما للمساعدة المالية والتقنية لفائدة مالكي منشآت صب المياه المستعملة لتحفيزهم على معالجتها قبل صبها في الوسط الطبيعي.
الفرع الثالث: التطهير السائل.
في هذا الصددجاء القانون 15-36 بمقتضيات ومبادئ عامة ترمي الى وضع الاسس القانونية لمعالجة اشكالية التطهير السائل باعتبارها أحد أوجه اشكالية تلوث المياه. وتتعلق هذه القواعد بالأساس بالتصميم المديري للتطهير السائل وبالربط بالشبكة العمومية للتطهير وبالصب في هذه الشبكة وفي المحطة العمومية لتصفية المياه المستعملة. (المواد106-109).
الفرع الرابع: المحافظة على المياه الجوفية.
الفصل الثاني: شروط حفر الاثقاب.
في ظل غياب مقتضيات على مستوى قانون الماء95-10،تمكن من مراقبة الانشطة المتعلقة بحفر الاثقاب، استفحلت ظاهرة الحفر العشوائي للأثقاب مما ساهم بشكل كبير في تدهور حالة الموارد المائية الجوفية التي تناقص مخزونها بشكل خطير في السنوات الاخيرة.
لسد هذا الفراغ القانوني جاء القانون15-36 حول الماء في مادته114 بمجموعة من المقتضيات لتنظيم مهنة حفر الاثقاب يمكن اجمالها في إحداث نظام للترخيص بمزاولة مهنة ثاقب، وإخضاعالراغبين في مزاولة هذه المهنة لمجموعة من الشروط المتعلقة بالمؤهلات التقنية والقدرات اللوجستية، بالإضافة الى التنصيص على ضرورة وضع سجل للمرخص لهم رهن اشارة مستعملي الماء بمكاتب ومصالح الادارة ووكالات الاحواض المائية.
الباب لتاسع: تدبير الاخطار المتصلة بالماء.
الفرع الأول: الفيضانات.
الفصل الأول: الحماية والوقاية من أخطار الفيضانات.
باستثناء ال مقتضيات المتعلقة ببناء منشآت الحماية من الفيضان، تتميز مقتضيات قانون الماء95-10 بالضعف وعدم شمولها لجميع الجوانب المرتبطة بإشكالية الفيضانات إن على مستوى التنبؤ أو الانذار بخطر الفيضان أو على مستوى تدبير الفيضانات وتقييمآثارها.
فبالنسبة لوقاية والحماية من خطر الفيضان نص القانون الجديد 15-36 على أن انجاز تجهيزات ومنشآت الحماية من الفيضان يتم بشراكة بين الادارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية المعنية، وعلى وضع “أطلس” للمناطق المعرضة للفيضان ومخططات للوقاية من أخطار الفيضانات تتضمن لقواعد والمعايير التي يجب احترامها عند اعداد المشاريع العمرانية والصناعية والسياحية ومشاريع البنية التحتية.(المادة118).
الفصل الثاني: أجهزة الرصد والمراقبة والانذار.
أما على مستوى الرصد والمراقبة والانذار فالقانون الجديد ينص من خلال المادة121 على أن تضع وكالات الحوض المائي «أنظمة للتوقع والانذار بالحامولات على مستوى مجاري المياه أو مقاطع مجاري المياه المحدثة للفيضانات..” كما تقوم ب “…. بالنسبة للمناطق المهددة بخطر متوسط ومرتفع للفيضان بأعداد نشرات إخبارية تتضمن معطيات حول الحامولات المتوقعة، ووضعها رهن إشارة السلطة الادارية الترابية المعنية في حالة وجود خطر الفيضان.»(المادة122 ).
الفصل الثالث: تدبير أحداث الفيضان.
على مستوى تدبير أحداث الفيضانات، نص قانون الماء في نصه الجديد على إحداث لجن لليقظة على المستوى الوطني والجهوي والمحلي يعهد اليها ب “…. عمليات الانذار وإخبار وتحسيس السكان -عمليات التدخل وتنظيم الانقاذ-جمع المعلومات الضرورية لتقييم الخسائر….»(المادة123).
الفرع الثاني: الخصاص في الماء.
يتضمن القانون 95-10 حول الماء مقتضيات تتعلق بالإعلان عن حالة الخصاص في الماء. إلا أنه لم يسبق أن تم الاعلان عن هذه الحالة بسبب عدم تنصيص قانون الماء على معايير ومؤشرات يتم الارتكاز عليها للإعلان عنها وتقدير مدى حدة وخطورة الخصاص في الماء.
لاستدراك هذا النقص نص لقانون 15-36على وضع أنظمة لتتبع الوضعيات المائية ولمراقبة الجفاف من خلال مؤشرات هيدرومناخية (المادة125)،يمكن الاستناد إليها للإعلان عن حالة ودرجة الجفاف. كما نص على وضع مخططات لتدبير الجفاف بتشاور بين السلطات المعنية تتضمن الاجراءات وخطط العمل اللازمة لمواجهة آثاره.
الباب العاشر: النظام المعلوماتي المتعلق بالماء.
طبقا لمبادئ الحكامة الجيدة والحق في الولوج الى المعلومة. نص القانون 15-36 على إحداث نظام معلوماتي مندمج حول الماء على مستوى الحوض المائي وعلى المستوى الوطني يمكن من متابعة منتظمة للماء وللأوساط المائية والمنظومات البيئية وعملها والاخطار المتصلة بالماء وتطوراتها.
ولهذه الغاية نص القانون الجديد من خلال المادة130 على أنه ” تلزم الادارة والمؤسسات العمومية وكذا مدبري المرفق العمومي المتدخلين على طول دورة الماء والاشخاص الطبيعيين الاعتباريين الخاضعين للقانون العام أو الخاص والحائزين على ترخيصات أو امتيازات لاستعمال الماء والملك العمومي المائي اتجاه الادارة المعنية ووكالة الحوض المائي ب :-الادلاء بصفة دورية بكل المعلومات والمعطيات المتوفرة لديهم حول الماء أو الملك العمومي المائي المستعمل.- تسهيل ولوج أعوان الادارة ووكالة الحوض المائي لمعطيات والمعلومات والوثائق والمنشآت والتجهيزات بهدف انجاز البحوث أو التحريات أو القياسات….”.
الباب الحادي عشر: شرطة المياه- المخالفات والعقوبات.
الفرع الأول: معاينة المخالفات.
طبقا لمقتضيات القانون 95-10 حول الماء تتميز بعض المساطر المتبعة من طرف أعوان شرطة المياه بعدم الدقة والوضوح. فعلى سبيل المثال لم يوضح قانون الماء مسطرة مصادرة المعدات المستعملة في المخالفة.كما لم يحدد مكان ايداع المعدات المحجوزة. أما فيما يخص العقوبات فإن مبالغها تبقى في بعض الحالات ضعيفة ولا تساعد على تحقيق الردع بالنسبة للمخالفين.
لدعم شرطة المياه وتهزيز مهمتها وتحسين شروط عملها، أدخل القانون الجديد عدة تعديلات على المقتضيات المتعلقة بشرطة المياه من بينها على وجه الخصوص التنصيص من خلال المادة136 على ايداع المحجوزات بالمحجز وتحرير المحاضر وفق الشكليات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية. أما فيما يخص العقوبات فقد رفع القانون15-36 بعض مبالغ الغرامات. وكمثال على ذلك الغرامة التي يعاقب بها من يهدم منشآت مائية عامة حيث انتقل مبلغها الادنى من 600الى 6000درهم ومبلغها الاقصى من 2500 الى25000درهم.
خاتمة:
نعتقد أن هذه المحاولة المقدمة كقراءة في أهم التعديلات التي خضع لها القانون 95-10 حول الماء، والتي اعطتنا نصا جديدا يحمل الرقم 15-36 لن تكونالقراءة الوحيدة والاخيرة…، فهي وإن طغى عليها انتقاد النص القديم والثناء على ما تضمنه النص الجديد من مقتضيات استدراكية وتصحيحية أو تتميمية همت جل المواد الاجرائية لتدبير الموارد المائية بالمغرب. فإن القانونالقديم 95-10 يبقى نقطة الارتكاز واللبنة الاساس في تدبير الموارد المائية بالمغرب وفق رؤية وطنية واستراتيجية، تعتبر الماء ملكا عاما وشأنا مجتمعيا، تقع مهمة تدبيره والمحافظة عليه، على عاتق مجموعة من الفاعلين كل من موقعه والاختصاصات المخولة له.
وسيبقى اعتقادنا راسخا بأن المسألة ليست قضية وضع أوتعديل للقوانين وإنما قضية تطبيق لهذه القوانين.، وخصوصا لما يتعلق الامر بأهداف المشرع في تحقيق العدالة الاجتماعية والاستفادة من عنصر اجتماعي أصيل كالماء.
……………………………………….
-البيبليوغرافيا-ربة آ
00حقوق الماء في المغرب -مقال والاعراف وقان
1-أبو نبات، محمد، حقوق الماء في المغرب -مقاربة للنوازل والاعراف وقانون الماء-سلسلة آفاق القانون(4) الطبعة الاولى 2000، مراكش،
2-الصباحي،محمد،نظرة على قانون الماء95-10 المتعلق بالمياه،
3-قانونالماء95-10، الجريدة الرسمية للمملكة المغربية، عدد4325بتاريخ 20شتنبر1995-
4-قانون الماء36-15، الجريدة الرسمية للمملكة المغربية،عدد6494 بتاريخ 25أغسطس2016,