“زكرياء أبو مارية” : من وشم الذاكرة إلى استرجاع الذات..

3,710

زكرياء أبومارية لــ ” أسفي اليوم “:   الحب دافعي الأول للكتابة..ومحبة صادقة واحدة تكفي.

حاورته : ماجدة بطار

كان امتنانه لها بحجم سهده وسهره الليالي الطوال ينصت بتمعن و شغف كبيرين لحكيها الشيق الماتع، المنساب إلى المهجة بصوت خافت يناجيه كلما غفل انشغاله عن وصلها ..

بين مد التيه في حالة التلبس بهوس إرضائها و جزر محاولات الالتفاف حول سرها الآسر لجموحها ، تكبل  عزائم كتمانه بإغرائها المتغلل تجسيدا لأمنيات مؤجلة حان موعد قطافها..على ارض الخيال الخصبة..حيث تقطن” جلنار” رهينة “حالة الحصار“..

تعزف على “مزامير الرحيل و العودة” لحنها الحزين المتقد حنينا..الموقظ شرارة “الجينوم ” الموشوم وفاء لعهد سليلة الإبداع الفتية الغنية تشبيهات و دلالات…

على وقع أثرها و بعمق سحرها ، يتفن “جنتلمان” الرواية و المسرح ، الصبور على جفائها و تمنعها بمجاراة تطلبها دقة و حرفية، متوفقا في تطويع معدنها الصلب المتمنع بإيقاد نار بوحها تارة وتطويق تمردها تارة أخرى..

بين سؤال و جواب..تتأرجح قدرتها على التمويه..على تأويل صمت بين جملتين…تحملنا على أهداب بساط البوح غير المعلن ، تتقن لعبة التمنطق بلسان الاعتراف.

متطلبة هي” الكتابة” على لسانه ” كالحب العظيم تماما…بعضها الأول هدية …واغلبها اشتغال شاق”

 

٭ ذكرت في استجواب سابق انك “لا تحب أن تكون متكررا “، أتعني بذلك انك منافس جيد؟

– أنا منافس جيد لنفسي ، وماقصدته بالضبط هو أنني أحاول ما أمكن طبعا أن لا أسير في طريق الآخرين وطبعا في طريق تسير فيه وحدك يكفي أن لا تتوقف لكي تكون ناجحا.

٭ أتعتبر الكتابة فعلا آم رد فعل ؟

– ربما أنا في أخر مراحل تعاملي معها كرد فعل، وأحس أن علي الانتقال أخيرا إلى مرحلة الكتابة باحتراف اكبر.

٭ما الجنس الأدبي الذي يعبر عن أفكارك بدقة؟

– ما يعبر عن أفكاري هو ما أحس انه يجعلها بأكثر من بعد ، وقد أجد هذه الضالة في أي جنس كتابة ، لان الكاتب في رأيي حين يستدعيه جنس أدبي ليكتب فيه تكون روح إبداعه على استعداد مسبق لمسايرة أفكاره ، وكل ما في الأمر أن ما يستدعيني حاليا هو الرواية والمسرح.

٭ في مقتطف من روايتك “جينوم” عبارة : “سيجني بمعروفه”، من “سيجك حقا بمعروفه” ؟

ربما الحب..تحديدا ذلك الحب المستحيل و المنيع لأني سأمتن له دائما انه كان دافعي الأول لأكتب ، ولاكتشف واحدة من أعظم سبل التخفف من أعباء الحياة ، والتزود بدلها بروح أمل كبيرة و بالأحلام.

٭في واحدة من تدويناتك على الفايس”فلتقم الساعة كي نلتقي..فلنلتق كي تقوم الساعة” أتمت فعلا ساعة لقائك بالعرفان..والاعتراف بإمكانياتك كروائي فرض أسلوبه وحبكته السردية بحصد جوائز مهمة ؟

الاعتراف بأحدهم شان نوعي ،  وحتى لو يكون كم الخذلان اكبر،إلا أن من شان محبة واحدة صادقة أن ترجح كفة الإنصاف لصالحك ، وان يكون اعترافها عظيما وكافيا.

٭ ما رمزية ” شامة “، الشخصية المتكررة في إبداعاتك إلى حدود اللحظة ؟

– سأقول عن “شامة” بهذا الخصوص ماسبق وقلته في جهة من رواية “جلنار”: “وشامة لم تكن نقطة سوداء بمعناها الأقرب إلى نسيب صبت قوافيه فوق خد أسيل لأنها كانت نقطة الختام في حدادي و يأسي”.

٭ ورد في مقطع من روايتك “جينوم”: “التاريخ هو الذاكرة في حد ذاته” منذ متى بصم تاريخ الكتابة لديك ؟

الكتابة ليست خليطا متجانسا و يصعب بالتالي الحديث عن تاريخ ما بخصوصها ، الكتابة مجموعة مراحل ومحطات كثيرة اغلبها طواه النسيان ، ويلزم ربما للتحدث عنها تنويم مغناطيسي يرفع إلى السطح كل مرحلة و محطة ويعطي فكرة عن تاريخها بالضبط

٭ كيف تستميل أفاعي الكلم و تجعلها طوع مزامير إلهامك ؟

– الكتابة بعضها الهام و هدية واغلبها اشتغال شاق.

٭ما علاقة “الجينوم” ب “مزامير العودة ” ؟

يحتوي “الجينوم” على ما يشبه نوتة موسيقية ، تحرك فينا الحنين إلى أشياء كثيرة فاتت ولكنها لم تنته.

٭ ما الذي كنت “تحيى به و ليس من اجله”؟

الحب.. و الحاجة للحب.لكن هذا مطلب الجميع ولذلك تحدثت  به على لسان شخصية في رواية.

٭ أتعتبر “حماية الذات جزءا من استرجاعها؟”

– المغامرة جزء من استرجاع الذات ، أحيانا حمايتها تكون جزءا من الحكم عليها بالحبس.

٭ كيف استطعت تلقف “شامة” بمشاعرها الأنثوية ..بانفعالاتها..بتركيبتها المعقدة ؟

– تماما كما ينبغي تلقف مشاعر باقي شخصيات أي نص ، النماذج متوفرة من حولنا ، وما ينبغي أن يكون الروائي صاحب ملاحظة دقيقة و حساسية عالية ، و خيال واسع أيضا.

ما رسالتك للشباب المغربي خصوصا و العربي عامة لتغيير الواقع و تجاوزه بالكتابة ، في ظل توافر المعلومة واكتساح التكنولوجيا لدور الكتاب و قدسية مكانته؟

– بقدر ما في الرواية من متسع باستطاعته استيعاب كل أجناس الكتابات الأخرى ، بقدر ما في هذا البراح الإبداعي من حرية تسمح بأن يرسم الكاتب بترتيب كلمات معين صورة أخرى عن واقعنا ، مختلفة عنه ربما ، ولكن منبثقة عنه بالضرورة ، ولا أظنني سأسدي نصيحة للشباب أفضل من نصحي إياهم بأن يساهموا بالكتابة في صناعة ظل للواقع يفيئ تحته القارئ ، فليس هناك عطاء أجزل من منح ظل للناس.
تحميل مواضيع أخرى ذات صلة
تحميل المزيد في ثقافة وفن
التعليقات مغلقة.

شاهد أيضاً

بودكاست أسفي اليوم | الخطاط عبد الحكيم بورضى والحديث عن تطور الخط العربي في عصر التكنولوجيا