بقلم المصطفى العياطي
أستاذ وباحث في التاريخ
” أعلم أن فن التاريخ … فهو محتاج إلى مآخذ متعددة ومعارف متنوعة وحسن نظر وتتبث يفيضان بصاحبهما إلى الحق وينكبانه عن المزلات والمغالط ، لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل ولم تحكم أصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني ولا قيس الغائب منها بالشاهد والحاضر بالذاهب ، فربما لم يؤمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل … غثا أو سمينا لم يعرضوها على أصولها ولا قاسوها بأشباهها ولا سيروها بمعيار الحكمة…”
– عبد الرحمان ابن خلدون
مقدمة:
درجت في الآونة الأخيرة، على ألسنة العديد من المؤرخين والأساتذة والباحثين والطلبة الإشارة إلى أهمية وجدارة وشرعية الكتابة التاريخية بالاستناد على الروايات الشفوية بجميع أصنافها، وكأن الرواية الشفوية أمر مستحدث في هذا المضمار، والواقع أن تاريخ التاريخ يفيد أن دراسة الماضي الإنساني ومعرفته من خلال الروايات الشفوية ليست أمرا جديدا، فقد وجدت المصادر المدونة والمصادر الشفهية جنبا إلى جنب عبر التاريخ وحتى العصور الحديثة. فإذا ألقينا نظرة في عجالة على بعض استخدامات المعلومات الشفوية في الماضي، ربما يكون “هوميروس” هو أو مؤرخ شفهي معروف ومثله “هيرودوت”، فأعمالهم جمعت استخدام الرواية الشفوية من الرواة والمعاينة للمواقع وللأحداث ومن خلال الرحلات الميدانية والبحث والتحقيق في البقايا والآثار، كما اعتمد المؤرخون الإغريق والرومان في مرحلة لاحقة على التقاليد والرواية الشفوية من حاشية الحكام والزعماء وكبار الموظفين.
وفي الجانب الآخر من العالم الإسلامي، ظهر مثال للمؤرخين الإخباريين في الإغريق وأوروبا، حيث اعتمد المؤرخون المسلمون بشكل مباشر وغير مباشر على المادة التاريخية الشفهية والمصادر المدونة على حد سواء وإن كانت للثقافة الإسلامية خصوصية الثقة أو تفضيل شهود العيان على المصادر المدونة ويتضح ذلك جليا في سلسلة “العنعنة” الطويلة التي نلاحظها في كتابات المؤرخين العرب.
إلا أنه طرأ انزلاق خطير بعد المؤرخ بن خلدون، نتيجة تأثيرات المدارس الغربية التي كرست خلال فترات الاعتماد على الوثيقة المكتوبة دون غيرها ، فانجذبت أجيال من المهتمين بالتاريخ إلى الوثائق والمواد الأرشيفية غير آبهة بالتاريخ الشفوي. ومع ظهور مدرسة التاريخ الجيد، إلى جانب ما توصلت إليه العلوم الإنسانية الأخرى كالأنثروبولوجيا والاثنولوجيا وعلم الاجتماع من خلاصات ومبادئ، تحولت الأنظار من جديد إلى أهمية المرويات والأدب الشفوي والتراث اللامادي بشكل عام. لكن ما يعوز المهتمين بهذا المجال أو الذين ينوون إدراجه ضمن أبحاثهم هي الاختيارات المنهجية اللازم اتباعها بهدف تحويل المعطيات المنطوقة إلى مكتوبة على الورق.
في هذه المحاولة المتواضعة، سنحاول أولا التعريف بالرواية الشفوية والتراث الشفوي مع بسط سريع لأهم الإشكالات والمشكلات التي من المحتمل أن تعترض الباحثين في مساعيهم، مقترحين جملة من الشروط التي من شأنها المساعدة على تفادي هذه المشكلات، متوجين هذا العمل باقتراح ووضع منهجية مكونة من عدة عمليات عملية، في أفق التأريخ بالاعتماد على الرواية الشفوية جنبا إلى جنب مع الوثيقة المكتوبة أو العادية.
I) مفاهيم ومصطلحات
لكل علم من العلوم الإنسانية أو الحقة مصطلحاته ومفاهيمه الخاصة به، ولذلك فإن إلقاء نظرة على المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بعلم التاريخ الشفوي والتي تتميز بالتداخل والتمازج على مستوى المعاني والموضوعات، لمن شأنه أن يساهم في انسياب فهمنا وسهولة اكتساب أكبر قدر ممكن من المعلومات حول هذا العلم، الذي أهملته أجيال من المؤرخين البنيويين، الذين لم يروا بديلا عن الوثيقة المكتوبة في تدوين التاريخ.
أول تلك المصطلحات “التراث الشفوي”، وثانيها هو مصطلح “الرواية الشفوية” “tradition orale” والتي تعد حجر الزاوية ونوعا مهما من مصادر التاريخ الشفوي، بما هو دراسة وبحث وتحقيق.
ويرتبط المفهومان ارتباطا عضويا بعلم التاريخ الشفوي “l’histoire-orale” أي كتابة التاريخ الذي يعتمد على مصادر شفوية في الأساس، دون الاعتماد على سند من الوثائق أو المواد الأرشيفية.
1 – التراث الشفوي :
جاء في قاموس “لاروس” أن التراث الشفوي هو “مجموعة التقاليد من أساطير ووقائع ومعارف ومذاهب وآراء وعادات وممارسات”. أما قاموس “روبير” فيعرف التراث الشفهي بأنه: “انتقال غير مادي للمذاهب والممارسات الدينية والأخلاقية المتوارثة من عصر إلى آخر بواسطة الكلمة المنطوقة”.
ويندرج ضمن التراث الشفوي لمجتمع ما أو أمة من الأمم، الأمثال الشعبية التي خلفها الأجداد وتوارثهما الآباء وورثوها للأبناء، دون أن يعلم لتلك الأمثال قائل أو مصدر محدد، فالأمثال لم تظهر من فراغ وإنما لذكرها مناسبة قيلت فيها. والأمثال العربية عموما، والمغربية على الخصوص، متشابهة لاعتبار أصلها الواحد، فقط أن التداول هو الذي يساهم في انزياحها أو الانتقاص منها أو الإضافة إليها عبر الاستعمال المستمر في الزمن، أو بسبب الانتقال من مجال إلى آخر، حيث ينضاف تأثير اللغات واللهجات المختلفة في خلخلة تركيبة المثل الشعبي الاصلي.
وعليه فهناك أمثلة شعبية محلية لا تسمع إلا في منطقة أو جهة بعينها، بينما تغطي أمثال شعبية أخرى مجالات واسعة بحجم الوطن أو الأمة بأكملها، فهناك أمثال لليل وأمثال للنهار وهناك أمثال للجن والشيطان، وهناك أمثال للبطولات والشجاعة وهناك أمثال للعفة والشرف والأمانة والمغامرة والعادات والتقاليد وغيرها من القيم والتصورات البشرية …
وتتميز الأمثال الشعبية بحلاوة اللحن وحسن الصياغة اللغوية، فالمثل كما يقال “نهاية البلاغة”. ولذلك فلا مفر للمؤرخ والباحث التاريخ من التجاوب مع مرامي “التاريخ الجديد” من وراء توسيعه لمفهوم الوثيقة والقبول “بالمثل الشعبي” كوثيقة دارجة على ألسنة الناس، واعتبارها رصيد معرفيا هاما يمكنه من التوصل إلى فلسفة حياة البسطاء منهم، وتلمسه البنيات الاجتماعية والاقتصادية والاجتماعية والذهنية وكذا للأوجه الثقافية التي سادت خلال الماضي الإنساني عموما أو خلال الماضي المغربي بشكل خاص.
وتوجد بمختلف جهات المغرب المئات من الأمثال الشعبية، يرويها عامة الناس ولا يحفظها إلا كبار الناس والقليل من الرواة، كانت هذه الأمثال متداولة في مجتمع ما قبل التقنيات أي المجتمع التقليدي. واستمرت في التداول، ساعدتها في ذلك -بدون شك – شروط معينة مثل المتن الحكيم “والإيجاز في المعنى والسلامة في النطق، وتوفر خاصيتي التشبيه” والكناية وغيرها من الخصائص. …
أيضا يعتبر التعبير بواسطة الغناء الشعبي لنصوص شعرية قديمة أنتجتها المجتمعات السابقة – في سياق أحداث ومتغيرات مختلفة – رافدا ومأخذا مهما لمعطيات تاريخية، غطت جوانب متعددة من ماضيها. فبالمغرب مثلا نجد نصوصا ومقاطع غنائية تروي عن الجانب الروحي من تمثلات وتصورات عن الذات الإلهية والتبرك والتشفع بالصلحاء، حيث يسمى هذا الغناء بالساكن “(1)، نظرا لمظهره الديني والصوفي. نجد أيضا نصوصا غنائية تروي ما عايشه المغاربة على المستوى الاقتصادي من مجاعات وأوبئة وانتشار للجراد، كما تزخر الساحة الغنائية الشعبية أيضا بنصوص غنائية تؤرخ لتفاصيل المقاومات الشعبية ضد التسرب الأجنبي والاحتلال، حيث فطن المستعمر مبكرا إلى ضرورة تحييدها ومحاربة كل من يرددها من العياطين، نظرا لقدرة هذا الغناء على الرفع من تأهب المقاومين وتأجيج حماستهم، وتحريضهم على الاستمرار في مواجهة الاستبداد الناجم عن جور القياد وتعسف المستعمرين.
وقد صاحب التعبير بواسطة الغناء الشعبي عبر المراحل التاريخية المغربية، استعمال آلات ووسائل بدائية شملت في بادئ الأمر أدوات التقطها الانسان أو قنصها، من أخشاب جوفاء وعظام وقرون وجلود وقصب أو عظام الاكتاف لحيوانات كانت تنفق في المجال (2).
كما صاحب التعبير الغنائي الشعبي – أيضا – تعبير مادي جسدي، تشخيصي ويتجلى ذلك حسب تعبير الأستاذ محمد بوحميد في “تلك الأصوات والفرقعات التي تنبعث إما بتحريك القدمين أو اصطدام الأطراف بعضها مع بعض تناسبا مع الحركة (3).
ويدخل في نطاق أنواع الغناء الشعبي أيضا الغناء الأمازيغي والحساني والملحون، حيث ينطبق على هذه الأنواع كل ما سيق حول الغناء الشعبي بشكل عام، بالنظر لما تتضمنه نصوصها من زخم شعري هائل، تطرق إلى كثير من الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية والعوائدية للمجتمعات، ولم يقتصر فقط على النخبة والزعماء والملوك، بل تناولت كذلك الأجواء السائدة وظروف عيش “المحجوبين من التاريخ ” (4)من البسطاء من عامة الناس ….
وقد تعرض التراث الغنائي الشعبي طويلا – كمصدر تاريخي أو كمجال للبحث التاريخي- للإزداء من قبل المؤرخين المغاربة الأولين باعتبار” الثقافة الشعبية والتراث الشفاهي المغربي مجرد ثقافة الأسطورة والخرافة (5). وبالرغم من وجود تحول في قبول واستخدام الأدب الغنائي الشعبي كإحدى طرق البحث في التاريخ المغربي مؤخرا والتي دشنها مجموعة من الأكاديميين، إلا أن مناهج تدريس التاريخ لا تزال تركز على التاريخ السياسي للنخبة، تاركة التاريخ الشفوي خارج البحث!!
وتدخل ضمن التراث الشفوي أيضا الأهازيج والفلكلور الشعبي لأنها مظاهر تعبيرية عن الفرحة والانتصار والاحتفال بالأحداث التاريخية الفارقة في حياة المجموعات البشرية. ونميز هنا بين نوعين من الفلكلور الشعبي، فهناك الحسي المادي ونعني به الهندام واللباس، والحلي، والشفوي اللامادي وهو ما تترجمه الأصوات والألحان والأنغام والمواويل، والتأوهات والتمايلات الجسدية إلى غير ذلك من الأمور الحركية المصاحبة الأداء الغنائي سواء أكان فرديا أو جماعيا.
2 – الرواية الشفوية :
جاء في بعض القواميس الحديثة أن المعنى اللغوي لفعل روى هو حكى أو أخبر أو وصف ورسم، وروى رواية بمعنى حكى أمورا إما ضمن موقع المعاينة أو التواتر. ولذلك فالرواية الشفوية وفق الحكاية التاريخية الجديدة أصبحت من الوسائل المطلوبة في رصد الحقائق والوقائع التي حدثت في الماضي الإنساني. وعليه فهي مصادر ضمن المصادر مثلها مثل الآثار ومثل الرواية التاريخية المكتوبة، وهي فقط عامل مساعد للكتابة التاريخية الأخرى الشمولية التي تتناول الموضوعات التركيبية التاريخية كما هو شأن باقي العلوم الإنسانية الفرعية كالأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا والاثنولوجيا والأثنوجرافيا وغيرها. فلا يعتقد أحدنا أنه بالإمكان تأليف كتاب أو إنجاز بحث أكاديمي بالاستناد فقط على الرواية الشفوية، كما لا يكمن الحديث في آثار من دون الاستعانة بالمصادر المكتوبة، وبالتالي فمن المفيد اعتماد الرواية الشفوية إلى جانب المصادر والمراجع والوثائق من أجل مقاربة المواضيع التاريخية وغير التاريخية…
والرواية الشفوية حسب تصنيفي الشخصي تنقسم إلى قسمين:
أ – الرواية الشفوية الجاهزة: وهي تلك المحكيات من الأمثال والحكم والغنائيات والقصص العالقة بأذهان الناس، والتي توارثتها الأحفاد عن الأجداد عبر الزمن. ويمكن للباحث التنقيب عن هذا الصنف بسهولة عبر استجواب الناس عنها دون تمييز من حيث السن أو الجنس أو المناطق، وهناك مجهودات فردية قام بها أصحابها من الباحثين (6) في بعض الأقطار العربية، حيث جمعوا الأمثال ودونوها فأصبحت مكتوبة.
ب – الرواية الشفوية المنتجة حديثا: ويقصد بها تصريحات الأشخاص المسنين والمسؤولين السابقين وأيضا من أفواه ذوي الزعامة من ممثلي المؤسسات والمنظمات والجمعيات والطوائف والعشائر، بحيث تنتزع هذه الروايات من أفواه هؤلاء، بأساليب وتقنيات واشتراطات مضبوطة لهدف مقاربة موضوع من المواضيع التاريخية الحديثة أو المعاصرة، أو لإنجاز بحث أكاديمي حول ظاهرة من الظواهر الاجتماعية أو الاقتصادية أو الدينية.
II – بعض إشكالات ، واشتراطات التأريخ بالرواية الشفوية.
1 – إشكالات التأريخ بالرواية الشفوية :
صاحب موضوع الاستناد على الرواية الشفوية في تدوين تاريخ الشعوب وأحوال الجماعات البشرية سيل من النقاشات والردود، أفصح عنه العديد من المؤرخين المحدثين، بخصوص نوع الإضافة التي تتوفر عليها التسجيلات الشفوية لفائدة الكتابة التاريخية، فبعض من هؤلاء لم يستسغ القبول بالرواية الشفوية كمصدر له أهميته وسعى إلى تحييدها وربما التشكيك في مضامينها التاريخية رغم قيمتها. ولذلك ساد الاعتقاد لفترة طالت ولا تزال مستمرة إلى الآن، من أن الرواية الشفوية لا ترقى إلى مستوى النص المكتوب كوثيقة، كونها تعتمد على الذاكرة البشرية التي قد تتعرض للنسيان والخلط في الوقائع والأحداث، أو للاجتزاء أو للإضافة أو الانتقاص. كما أن الرواية حسب زعم هذا الفريق – تنطوي على كثير من المبالغات والمزج بين ما هو واقعي وما هو أسطوري أو مزاجي … فالمأثورات والمرويات الشفوية، لن تكون دائما ذات مصداقية تجعلها مستساغة، فضلا عن أن تكون مقبولة لتدوين التاريخ حسب نظرهم.
وبما أننا اليوم بتنا نتطلع إلى كتابة تاريخنا المحلي أو الجهوي في أفق إنجاز أطلس شامل للتاريخ الوطني – وهو مشروع نادى به الكثير من المؤرخين الجدد – فإننا نجد أنفسنا مضطرين في بعض المواضيع خصوصا بالمجالات القروية المغربية إلى جمع الروايات من شفاه الرجال نظرا لانعدام الوثائق والأوراق المكتوبة اللازمة لمقاربة بعض الموضوعات التاريخية من ماضينا القريب، لكن الكثير من الطلبة الباحثين في التاريخ من يتساءل منهجيا : هل استجواب سكان مجال جغرافي معين كاف لكي نتعرف على تاريخهم ومقاربة الظواهر الإنسانية التي ترجع جذورها الأولى إلى أجدادهم ؟، وهل الرواية الشفوية فعلا أقل أهمية من الرواية المكتوبة؟
للإجابة عن هذه التساؤلات، نجد الجواب عند الفريق الثاني من المؤرخين المقتنعين بالاستناد على الرواية الشفوية وبنجاعتها في مسائلة الموضوعات التاريخية، فهذا الفريق يعتقد «بأن الظاهرة التاريخية ظاهرة معقدة وينبغي تناولها من زوايا متعددة، ومعارف متنوعة”، بمعنى الانفتاح على باقي فروع المعرفة، حقة كانت أم إنسانية، حيث مكن -حسب رأيهم- انفتاح التاريخ على هذه العلوم تجاوز المفهوم الضيق للوثيقة. وكان من نتائج هذا الانفتاح إقبال المؤرخين المحدثين على استعمال الروايات المحفوظة المتوارثة كمصدر من المصادر التاريخية، لا سيما بعد اقتناعهم بأن أي موضوع اجتماعي لا يبحث فيه الدارس عن الأخبار من أفواه الرجال، يكون بالضرورة ناقصا من جهة ما، وأن الفهم الجيد لتاريخ الحياة اليومية، لا يمكن أن يتم دون اللجوء إلى البحث الميداني (7)، وبأن الرواية الشفوية لا يقتصر متنها على السياسي فقط بل تغطي الجوانب الاجتماعية والثقافية والحضارية لمجتمعات الماضي. “فهناك من الشواهد والروايات الشفوية ما تتعلق بتاريخ الذهنيات. ومنها ما يتعلق بالتاريخ الاقتصادي أو الاجتماعي ومنها ما تفيد في المغرب علاقة الشعب بالمخزن (كالروايات الشفوية التي تنطوي على المقاومة والصراع “(8)بل أن هناك من الروايات الشفوية ما “تمدنا بحقائق تحرمنا منها النصوص التاريخية المدونة أو مناقضة لما هو شائع في الحقائق التاريخية المكتوبة”(9).
فالرواية الشفوية حسب هؤلاء أصبحت تحظى بمكانة رفيعة واهتمام متزايد ضمن المصادر التاريخية، إذ في غياب الوثائق المكتوبة أصبح النص الشفوي في كثير من الموضوعات يشكل الذاكرة الجماعية لفئات اجتماعية معينة، ويندرج في هذا السياق كما أشرنا سابقا، التراث الشفوي من أمثال شعبية وأساطير وحكايات وأهازيج وفولكلور … وكلها فروع تمثل ملاذا وملجأ بالنسبة للجماعات المقهورة “أي مهمشي التاريخ “الذين يتم تغيبهم ونفيهم من الكتابة التاريخية المؤسساتية الرسمية (10). ذلك أن الوثائق المكتوبة حسب المؤرخين المتنورين “ومعظمهم من المنحازين إلى كتابة تاريخ الطبقات الشعبية المسحوقة في نضالها ضد القوى التسلطية”(11)، لا تركز في الغالب سوى على أخبار الأفراد المرموقين كالملوك والزعماء العسكريين والسياسيين، والمعاهدات بين الدول “وهي تسقط عمدا أخبار عامة الناس ونضال الشعوب ضد المحتلين والمظاهرات الوطنية والنقابية. وأن ما دون عن تلك الأحداث مغاير تماما للحقيقة، لأنه يعبر فقط عن آراء الغالب ضد المغلوب … وغالبا ما وصفت الوثائق الرسمية قدامى المناضلين ضد الاستعمار بالعصاة أو المتمردين على أمن الدولة”(12).
2 – بعض اشتراطات التأريخ بالرواية الشفوية :
تناولت العديد من الأقلام وبكثير من التفصيل أهمية المقابلات الشفوية في تعزيز دور الوثائق المكتوبة في البحث التاريخي. لكن الاستفادة منها تحتاج إلى تدابير ومناهج علمية متكاملة بدءا من جمعها وتبويبها إلى تدقيق وتفحص المعلومات الواردة بها، بعد الحصول بالطبع – على موافقة – من جرت المقابلة معهم بشأنها.
ضمن منطلق أن الباحث المؤرخ يقوم بتسجيل أخبار ومعلومات سيقوم لا حقا بتحويلها إلى منطوقة، ومن أشياء منطوقة إلى أشياء مخطوطة، قد تعترضه في مسعاه عدة مشكلات نقدية ولوجستية ، منها ما يتعلق بذاته ومنها ما يتعلق بذاتية الراوي نفسه ، وبالظروف المصاحبة لعملية التوثيق الشفوي ،و لا سيل لتفادي هذه المشكلات -في اعتقادي -سوى بالامتثال لعدة اشتراطات أوردها كما يلي :
1 – أن يتوفر الباحث على أدوات التسجيل والمسجلات المناسبة لطبيعة الموضوع المتناول بالبحث.
2 – أن نتوفر الظروف الملائمة لإجراء الاستجواب ، على مستوى الزمان والمكان ، فلا يعقل مثلا إجراء المقابلة في ظروف مطيرة أو حارة ، أو مناسبات أليمة كالوفاة أو الحرائق أو حوادث السير أو الانشغالات القاهرة.
3 – اختيار الشخص أو الأشخاص المناسبين ليكون ضيوفا للمقابلة، مع وجوب احترامهم وإحاطتهم مسبقا بهيبة الأمر وهالته وبأن الامر لا يتعلق بجلسة إعلامية أو ترفيهية، وإنما هناك مسؤولية محددة ، علميا وأخلاقيا.
4 – أن يكون للأشخاص الذين تؤخذ منهم المعلومات علاقة بالموضوع المبحوث فيه ، بمعنى لديهم المعلومات والقدرة والقرب من الحدث أو الظاهرة ، وهذا هو الأهم ، بحيث لا نكتفي بمقابلة أشخاص ميزتهم فقط هي أنهم من المتقدمين في السن.
5 – أن يستطيع المختص أو الباحث الاندماج كليا في المواقف والأجوبة ،من خلال إصراره على طرح أسئلة مناسبة ومتدرجة بهدف الحصول على ردود ، أو تلقف إشارات جانبية ، قد تساعده على توضيح معطيات بعض جوانب موضوع البحث.
6 – عدم التدخل و إيقاف الشخص المستجوب حين يكون منهمكا في الرواية ، حتى ولو كان يتكلم كلاما غير موافق عليه ،كما لا ينبغي التأثير على مسار الحديث وتوجيهه لأهداف تخدم فرضيات الباحث.
7 – لا ينبغي على المستجوب الباحث أن يفصح عن خلفيته الإيديولوجية حول الموضوع المطروح ، بل يجب عليه أن يكون محايدا ومستمعا جيدا وأن لا يكون مقاطعا ، وأن لا يحاول تحميل الشخص الذي يدلي بالمعلومات إلى توجهات معينة ، بل يترك له المجال ليعبر عن ما بداخله من معلومات وأسرار وحتى حسرات أو مشاعر أو تصورات…
8 – ضرورة أن يستشعر الباحث أثناء إجراء المقابلة الشفوية أمورا ، من قبيل ما إذا كان الراوي طرفا غير محايد أو متصنعا في سرد المعلومات ، أو غير جرئ وهو يحكي عن نفسه خوفا من تسجيل صوته، كما ينبغي على الباحث أن يستشعر ما إذا كان الراوي غير متمكن أو ليس على دراية أو فقط حكي له عن الموضوع المبحوث فيه.
9 – لا بد للباحث المستجوب من إتقان لهجة ولغة الراوي “وأن تكون لديه معرفة عميقة بالعادات والتقاليد الموروثة ، وأن يمتلك مهارة كافية في كيفية توجيه الأسئلة بطريقة ذكية لا تستفز الراوي أو تشعره بنوع من التشكيك المسبق في أقواله”(13).
10 – أن يوقع كل من الباحث والراوي “على كل صفحة من صفحات المقابلة ، وفي حال عدم معرفة صاحب المقابلة مبادئ القراءة والكتابة ، يستعان بواحد من أفراد أسرته ، أو تؤخذ بصمة إبهامه لتوضع على صفحات المقابلة”،(14) وذلك في حالة الاعتماد على ملء استمارة معدة بشكل مسبق.
III – محاولة في منهجية التأريخ بالرواية الشفوية :
كثيرة هي أصوات المؤرخين الذين نادوا بضرورة اعتماد الرواية الشفوية والتراث الشفوي الغنائي والتقاليد الشفوية وغيرها في تدوين تاريخ حياة المجموعات البشرية المختلفة، وخصوصا تلك التي تقدس الكلمة والإيحاد الجسدي والتداول الشفوي للعوائد والأحوال الحسية المادية والشفوية اللامادية. ولذلك بات هذا الفريق من المؤرخين أشد اقتناعا بضرورة النزول إلى الميدان والسياحة في المجال والتحرك على الأرض من أجل تسجيل وتوثيق خبرات مهمشي التاريخ من الطبقات المسحوقة، وتخزينها في أشرطة، وتفريغها على الورق في أفق دراستها وتحليلها تحليلا منظما.
وعليه، ولن تكون المعلومة الشفوية جاهزة نهائيا للإدراج ضمن المصادر التاريخية المعتمدة، إلا إذا خضعت عمليا للمرور عبر مراحل منهجية من حيث التجميع والحفظ والتصنيف والترتيب وأخيرا التحليل والتعليق.
1 – مرحلة الجمع والحفظ (Archivage) أو الجرد (L’inventaire) :
إجرائيا، وقبل الشروع في عملية جمع المعلومات وحفظها وضمان ذلك ، لا بد للباحث من وضع قائمة بأسماء الأماكن والمؤسسات والأشخاص المنوي مقابلتهم، وتكوين خريطة عن مسافات توزيعهم الجغرافي في المجال المدروس، وأيضا عليه أن ينجز جدولا زمنيا للمقابلات حسب الموضوعات أو لنقل مكونات البحث الأكاديمي. إن هذه الترتيبات التمهيدية التنظيمية، من شأنها أن تساهم الباحث في اقتصاد الوقت والتكاليف المادية أيضا. ناهيك عن جدواها الإيجابي في تحفيز الباحث على التركيز أكثر على إنجاح المقابلات واحترام ترتيبها حسب الأولويات.
أما من ناحية الإمكانات والتجهيزات، فإنه مطلوب من الباحث توفير ما يلزم من الوسائل السمعية البصرية كالمسجلات والمصورات وأشرطة الفيديو، والأقراص المدمجة المعنونة والاستمارات، مع تحضير ذكي ومسبق أيضا – للأسئلة مما يساعد على انسيابية الحوار والتمكن بيسر من حفظ النصوص الشفوية وتصنيفها وترتيبها.
2 – مرحلة التصنيف والترتيب :
بعد انقضاء عملية جمع الروايات والنصوص الشفوية من جميع الأماكن والأشخاص وفق البرنامج المسطر، يتم تصنيف هذه الروايات بأساليب تقنية، تفرضها هندسة تصميم موضوع البحث ومكوناته ومباحثه. خلال هذه المرحلة يمكن في غالب الأحيان تصنيف الروايات حسب عدة طرق منها:
التصنيف الإيديولوجي: Classification Idéologique:
وتتم هذه الكفاية بتصنيف الروايات حسب ما إذا كانت تاريخية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو دينية أو عوائدية…
التصنيف الجغرافي: Classement géographique:
ويتم هذا التصنيف حسب القبائل والجماعات والمراكز القروية أو الدواوير والمدن أو المواقع الأثرية أو حسب المجالات الجغرافية: مناطق السهل ومناطق الجبل مثلا … إلخ
التصنيف الزمني: Classement chronologique:
ويراد به قيام الباحث بترتيب الروايات الشفوية حسب الفترات والأحداث التاريخية التي تغطيها أو ترمز إليها.
التصنيف الألف بائي: Classement alphabétique:
وهو أقل ما ينبغي للباحث أن يقوم به ويتحلى في ترتيب الروايات حسب أحرف الأولى لأسماء المصادر أو الموضوعات أو الأشخاص أو المؤسسات أو الجمعيات بهدف التحكم في تدبيرها وتفحصها بشكل ميسر.
على صعيد منهجي آخر، وفي خضم استعمال الروايات الشفوية بشأن موضوع البحث، حري بالباحث أن يضع ما توصل إليه من روايات مختلفة في محك الواقعية التاريخية، ونقصد بذلك التأكد من صدقيتها من خلال مقارنة الروايات المتعددة في النقطة الواحدة والقبول بأكثرها تداولا، ولا بأس أن يشير الى الروايات الشاذة مع ضرورة إيجاد تفسير لها. كما ينبغي على الباحث أيضا في سياق التأكد من صدقية الروايات المحصل عليها، أن يقارنها مع المعطيات المستقاة من المصادر والمراجع والوثائق المتوفرة، ولا بأس من الانفتاح على الروايات المتشابهة، ولو أن تداولها ساري المفعول في مجالات قصية عن مجال البحث.
هذا وتقتضي الاحالة على الروايات الشفوية المستند عليها في متن البحث، أن يذكر الباحث مصدرها، إن شخصا ذاتيا أو معنويا (ينتمي الى مؤسسة أو جمعية) مع ضرورة ذكر تاريخ ميلاده ومكانه وصفته، وتاريخ ومكان اجراء المقابلة.
تلك بعض من الترتيبات المنهجية، وهي إن كانت تبدو بديهية إلا أنها لا ينبغي على الباحث المتمرس اغفالها، لأنها حتما ستعينه بنسبة 50% من إنجاح العمل وإتقانه، ف”للتنظيم أثر في الفعالية” كما يقال.
خاتمة:
بعد هذا الكشف السريع عن أهمية الرواية الشفوية وموضوعاتها ومشكلاتها العملية، وإشكاليات الأخذ بها كمصدر من مصادر التأريخ والكتابة التاريخية، توصلنا إلى عدة خلاصات واستنتاجات.
أولى هذه الخلاصات أن الرواية الشفوية بجميع أصنافها باتت في حكم المصادر المشروعة والشرعية بالنسبة لقطاع واسع من المؤرخين الشباب، باعتبار دورها المؤكد، والمكمل للنقائص التي تعتري باقي المصادر المادية والمكتوبة، وأيضا لما تزخر به من معطيات وشوارد تاريخية، اقتصادية اجتماعية وعوائدية، فضلا عما تشير إليه من أحداث سياسية، ظلت الوثيقة المكتوبة – لفترة طويلة – تحتكر وحدها التطرق إليها، دون الاكتراث إلى المرويات والتراث الشفوي.
من جهة أخرى، يلاحظ أن كثيرا من الباحثين ينجذبون خلال إجراء أبحاثهم للوثائق والمصادر المكتوبة وتفسير ذلك هو سهولة الحصول عليها والوصول إليها بأيسر الوسائل التقنية. فرغم إقرار هؤلاء بأن الرواية الشفوية يمكن أن تقدم لهم خدمة كبيرة في توضيح وفك بعض من معميات وإشكالات أبحاثهم، فإنهم ينفرون من الرواية الشفوية لأنها:
مكلفة على المستوى المادي واللوجيستي.
تتطلب امتلاك مجموعة من الصفات والمواصفات والقيم، كالصبر، وسرعة البديهة والتواضع والقدرة على استمزاج الأشخاص دون إثارتهم.
تتطلب النفس في تحمل مرارة المفاجآت والاحتمالات- التي لا يمكن تصورها سلفا – مخافة الرجوع إلى المربع الأول.
تتطلب التغلب على المعاناة الذهنية والنفسية التي تصاحب جميع مراحل الباحث في صناعة “الرواية الشفوية، فالأمر إذن ليس مجرد جهد عضلي “(15).
ومن الخلاصات أيضا أن الاختيارات المنهجية المعتمدة في تفكيك محتويات الرواية الشفوية ووضع أحداثها في السياقات التاريخية الممكنة، تتطلب من الباحث المعرفة الشاملة المسبقة بالتاريخ والأحداث الفاصلة التي عرفها المجال المدروس من خلال الاطلاع – بالطبع – على جميع المصادر والمراجع المونوغرافية أو الرحلية التي تخص ذلك المجال، على اعتبار أن العلم بالتاريخ جزء لا يتجزأ من عملية التأريخ (16).
كما أن الباحث مطالب طيلة مراحل إعداد الروايات وجمعها، بأن يسترشد وأن يستدعي كل الخلاصات والمبادئ التي توصلت إليها باقي الدراسات الحديثة في مختلف المعارف الإنسانية الأخرى، مثل علم الاجتماع والاقتصاد والجغرافيا واللسانيات والأثنوجرافيا والأنثروبولوجيا وعلم النفس الاجتماعي.
إنها مواصفات قلما تجتمع كلها في الباحثين، لذلك ينبغي أن يتجه التفكير في إنشاء خلية جامعية، يناط بها إخضاع الطلبة الباحثين الذين قبلوا – عن رضى وطيب خاطر – خوض غمار الاستناد على الرواية الشفوية في إنجاز أبحاثهم، لتداريب حول كيفية إجراء المقابلات وصياغة الأسئلة التي تختلف من شخص لآخر تبعا لنوع العمل، وفئة العمر والوضع الاجتماعي، إضافة إلى تعريفهم بطرق التسجيل والحفظ والتصنيف وكيفية التحقيق للتثبت من صحة الروايات، من خلال اتباع الأساليب العلمية المعروفة في التاريخ الشفوي…
كما لا ينبغي إغفال تزويد الطلبة الباحثين بتقنيات حول كيفية تفريغ المقابلة وطباعتها ومواجتها وتنسيقها وأرشفتها، وأخيرا التدرب على استخدام النقد والتحليل في منهج البحث التاريخي.
……………………………………………
الهوامش:
1- نمط من الأغنية الشعبية يتميز بمظهره الديني، اقترن بظاهرة الزوايا بالمغرب وهذا النوع يؤدى اعتمادا على الغيطة أو الليرة. (هامش من كتاب الأستاذ محمد أبو حميد: رائد البحث في الموروث التراثي دراسات وثائق وشهادات، تأليف علال ركوك محمد بالوز، الطبعة الأولى، الرباط 2011، ص، 20.
2-أبو حميد، محمد : رائد البحث في الموروث التراثي دراسات وثائق وشهادات، تأليف علال ركوك محمد بالوز، الطبعة الأولى، الرباط 2011، ص، 30.
3- نفسه، الصفحة نفسها.
4- عامر، آمنة، التاريخ الشفهي : تاريخ يغفله التاريخ ، عنوان مقال نشر في مجلة “الروزنامة” التي تصدرها دار التئق القومية بمصر العدد الثاني : 1 يونيو 2005.
5- ركوك، علال ، المقاومة المغربية من خلال التراث الشعبي ، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، الرباط 2004، ص ، 23.
6- انظر مثلا” كتاب مجمع الأمثال – مختارات” للميداني، تحقيق الأستاذ محمد علي قاسم ، مكتبة المعارف بيروت لبنان.
7 – عماري، الحسين، البحث في تاريخ الجهة تساؤلات وملاحظات منهجية. https://elriwak.blogspot.com/2014/03/blog-post_2672.html
8- ركوك، علال، المقاومة وأحداث من التاريخ الاجتماعي في الأدب الشفوي المغربي (1830/1956) ، منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، تقديم ، د/ مبارك زكي ، طبعة 2001 ، سلا ، الصفحة 25.
9 – نفسه، الصفحة نفسها.
10 -عماري، الحسين، البحث في تاريخ الجهة تساؤلات وملاحظات منهجية. https://elriwak.blogspot.com/2014/03/blog-post_2672.html
11 -ضاهر، مسعود، منهجية التأريخ الشفوي والاستفادة منها عربيا، مجلة “عالم الفكر” المجلد 36 الفصل 1 يناير – مارس 2008، محور العدد : الوثيقة، الصفحة، 56.
12- نفسه، الصفحة نفسها.
13 -ضاهر، مسعود، منهجية التاريخ الشفوي والاستفادة منه عربيا … ص ،61.
14 – نفسه الصفحة، 58.
15 – راجع : “بعض مشكلات العمل الميداني في جمع المأثورات الشفهية، مقال للأستاذ، محمد حسن عبد الحافظ، جريدة” الحوار المتمدن” الالكترونية عدد 1938، بتاريخ 6 يونيو 2007.
16 – ركوك، علال، المقاومة المغربية من خلال التراث الشعبي، ص، 35.